للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ جَازَ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

(وَلَا حِلَّ بَيْنَ رَضِيعَيْ امْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَخَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَبَاعِدَةٍ وَسَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُمَا مِنْ ثَدْيٍ وَاحِدٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ ثَدْيٍ وَالْآخَرَ مِنْ آخَرَ (بِخِلَافِ الشَّاةِ) وَنَحْوِهَا حَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لَبَنِهَا حُكْمُ الرَّضَاعِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ بِوَاسِطَةِ شُبْهَةِ الْجُزْئِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمُرْضِعَةُ، ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا وَلَا جُزْئِيَّةَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَالْآدَمِيِّ وِلَادًا فَكَذَا رَضَاعًا فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا.

(وَ) لَا حِلَّ أَيْضًا (بَيْنَ رَضِيعَةٍ وَوَلَدِ مُرْضِعَتِهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا أَيْضًا أَخَوَانِ (وَوَلَدِ وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُخْتِهَا

(وَيَحْرُمُ) أَيْ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (لَبَنُ الْبِكْرِ) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ النُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ فَتَثْبُتُ بِهِ شُبْهَةُ الْبَعْضِيَّةِ كَلَبَنِ غَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ.

(وَ) الْمَرْأَةُ (الْمَيِّتَةُ) ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا لَبَنٌ حَقِيقَةً (كَذَا) أَيْ يَحْرُمُ أَيْضًا لَبَنُ الْمَرْأَةِ (الْمَخْلُوطُ بِمَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ أَوْ لَبَنِ) امْرَأَةٍ (أُخْرَى أَوْ) لَبَنِ (شَاةٍ إذَا غَلَبَ) أَيْ لَبَنُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْبَاتَ اللَّحْمِ وَإِنْشَازَ الْعَظْمِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ (لَا) أَيْ لَا يَحْرُمُ (الْمَخْلُوطُ بِالطَّعَامِ) هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْغَلَبَةُ فِيهِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا وَلَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ وَشَرَطَ الْقُدُورِيُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَوْنَ الطَّعَامِ مُسْتَبِينًا كَالثَّرِيدِ قِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَاطَرْ اللَّبَنُ عِنْدَ حَمْلِ اللُّقْمَةِ فَإِنْ تَقَاطَرَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَقِيلَ لَا تَثْبُتُ بِكُلِّ حَالٍ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

. (وَ) لَا (لَبَنُ الرَّجُلِ وَ) لَا (لَبَنُهَا إذَا احْتَقَنَ بِهِ) أَيْ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ (الصَّبِيُّ) ، أَمَّا لَبَنُ الرَّجُلِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً فَإِنَّ اللَّبَنَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِلَادَةُ، وَأَمَّا الِاحْتِقَانُ بِلَبَنِهَا فَلِأَنَّ النُّشُوءَ لَا يُوجَدُ فِيهِ وَالتَّحْرِيمُ بِاعْتِبَارِهِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ بِالْغِذَاءِ وَهُوَ مِنْ الْأَعْلَى لَا الْأَسْفَلِ (أَرْضَعَتْ ضَرَّتَهَا حَرُمَتَا) يَعْنِي إذَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

التَّزَوُّجُ بِهَا وَهِيَ أُخْتُ وَلَدِهِ نَسَبًا مِنْ الْأَبِ وَأَلْغَزَ بِهَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ وَمِمَّنْ يَحِلُّ رَضَاعًا لَا نَسَبًا أُمُّ وَلَدِ وَلَدِهِ

(قَوْلُهُ: أَيْ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ لَبَنُ الْبِكْرِ) هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِلَبَنِهَا التَّحْرِيمُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْلُوطُ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ شَاةٍ إذَا غَلَبَ) يَعْنِي أَوْ سَاوَى وَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ إجْمَاعًا إذَا تَسَاوَى لَبَنُهُمَا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَإِذَا غَلَبَ لَبَنُ إحْدَاهُمَا ثَبَتَ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَعَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ مِثْلُ قَوْلِهِمَا وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَإِلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِتَأْخِيرِهِ دَلِيلَ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْغَايَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَظْهَرُ وَأَحْوَطُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قِيلَ أَنَّهُ الْأَصَحُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إنْبَاتَ اللَّحْمِ وَإِنْشَازَ الْعَظْمِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَخِيضًا أَوْ رَائِبًا أَوْ شِيرَازًا أَوْ جُبْنًا أَوْ أَقِطًا فَتَنَاوَلَهُ الصَّبِيُّ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الرَّضَاعِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا لَا يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَلَا يَنْشِزُ الْعَظْمَ وَلَا يَكْتَفِي بِهِ الصَّبِيُّ فِي الِاغْتِذَاءِ فَلَا يَحْرُمُ بِهِ اهـ.

وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا جُبِّنَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ وَأُطْعِمَ الصَّبِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ) مُفِيدٌ أَنَّهُ إذَا مَسَّتْهُ لَا يُحَرِّمُ وَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ غَلَبَ اللَّبَنُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَقَالَ مُنْلَا مِسْكِينٌ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لَوْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ مَسَّتْ اللَّبَنَ وَأَنْضَجَتْ الطَّعَامَ حَتَّى تَغَيَّرَ فَلَا يُحَرِّمُ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ مِنْ حَالَتَيْ التَّقَاطُرِ عِنْدَ حَمْلِ اللُّقْمَةِ وَعَدَمِهِ إذَا تَنَاوَلَهُ لُقْمَةً لُقْمَةً، أَمَّا لَوْ حَسَاهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْمُسْتَصْفَى إنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَشْرَبْهُ، أَمَّا إذَا حَسَاهُ حَسْوًا أَيْ شَرِبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا يَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَفْظَةُ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يَجِبُ؛ وَلِذَا حَذَفَهَا قَاضِي خَانْ فَقَالَ هَذَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ لُقْمَةً لُقْمَةً فَإِنْ حَسَاهُ حَسْوًا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّبَنَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِلَادَةُ) أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّهُ لَبَنٌ عَلَى التَّحْقِيقِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُهُ اهـ. وَلَبَنُ الْخُنْثَى إنْ كَانَ وَاضِحًا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَشْكَلَ إنْ قَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى غَزَارَتِهِ إلَّا لِامْرَأَةٍ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْنَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا احْتَقَنَ بِهِ الصَّبِيُّ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ صَوَابُهُ حَقَنَ لَا احْتَقَنَ يُقَالُ حَقَنَ الْمَرِيضَ دَاوَاهُ بِالْحُقْنَةِ وَاحْتَقَنَ الصَّبِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَاحْتُقِنَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ غَيْرُ جَائِزٍ فَتَعَيَّنَ حَقَنَ، وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي تَاجِ الْمَصَادِرِ الِاحْتِقَانُ حَقَنَهُ كَرَدَنَ فَجَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ اهـ. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي تَاجِ الْمَصَادِرِ مِنْ التَّفْسِيرِ لَا يُفِيدُ الِافْتِعَالَ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ كَالصَّبِيِّ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا احْتَقَنَ الصَّبِيُّ، بَلْ إلَى الْحُقْنَةِ وَهِيَ آلَةُ الِاحْتِقَانِ وَالْكَلَامُ فِي بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الصَّبِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ قَاصِرٍ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَجْرُورِ وَالظَّرْفِ كَجَلَسَ فِي الدَّارِ وَمَرَّ بِزَيْدٍ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْبِنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْآلَةِ وَالظَّرْفِ جَوَازُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَفْعُولِ، بَلْ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا إلَيْهِ بِنَفْسِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَرْضَعَتْ ضَرَّتَهَا حَرُمَتَا) أَمَّا حُرْمَةُ الْكَبِيرَةِ فَمُؤَيَّدَةٌ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ امْرَأَتِهِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>