عِنْدَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ بِالْقَوْلِ (وَتَصِحُّ) أَيْ الرَّجْعَةُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ طَلْقَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ، وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ وَقَدْ مَرَّ مِرَارًا (وَإِنْ أَبَتْ) الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ مُطْلَقٌ فَيَشْمَلُ التَّقَادِيرَ.
(وَنُدِبَ إعْلَامُهَا) أَيْ إعْلَامُ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِالرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا لَرُبَّمَا تَقَعُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَزَوَّجُ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهَا أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُرَاجِعْهَا وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَيَطَؤُهَا الزَّوْجُ الثَّانِي فَكَانَتْ عَاصِيَةً وَزَوْجُهَا الَّذِي أَوْقَعَهَا فِيهِ مُسِيئًا بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلْقَائِمِ وَلَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ فَكَانَ الزَّوْجُ بِرَجْعَتِهِ مُتَصَرِّفًا فِي خَالِصِ حَقِّهِ، وَتَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي خَالِصِ حَقِّهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْغَيْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَكُونُ عَاصِيَةً بِغَيْرِ عِلْمٍ.
أُجِيبَ بِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ فَقَدْ تَرَكَتْ التَّثَبُّتَ فَوَقَعَتْ فِي الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا.
(وَ) نُدِبَ (الْإِشْهَادُ) أَيْضًا احْتِرَازًا عَنْ التَّجَاحُدِ وَعَنْ الْوُقُوعِ فِي مَوَاقِعِ التُّهَمِ لِأَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهُ مُطْلَقًا فَيُتَّهَمُ بِالْقُعُودِ مَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّتْ.
. (وَ) نُدِبَ أَيْضًا (عَدَمُ دُخُولِهِ عَلَيْهَا بِلَا إذْنِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّجْعَةَ) أَيْ يُعْلِمُهَا بِدُخُولِهِ عَلَيْهَا بِالنِّدَاءِ، أَوْ التَّنَحْنُحِ، أَوْ صَوْتِ النَّعْلِ لِتَتَأَهَّبَ لِدُخُولِهِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْجُمْلَةِ.
(ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ الرَّجْعَةَ فِيهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فَرَجْعَةٌ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِتَصَادُقِ الزَّوْجَيْنِ فَالرَّجْعَةُ أَوْلَى (وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَا) أَيْ لَا يَكُونُ رَجْعَةً لِأَنَّهُ مُدَّعٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَلَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ (وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) لِمَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الرَّجْعَةَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَمِينَ فِيهَا (كَمَا فِي رَاجَعْتُكِ) أَيْ كَمَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً إذَا قَالَ رَاجَعْتُكِ يُرِيدُ بِهِ الْإِنْشَاءَ (فَقَالَتْ - مُجِيبَةً لَهُ -: مَضَتْ عِدَّتِي) لِأَنَّ هَذِهِ الرَّجْعَةَ صَادَفَتْ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ، وَهَذَا لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهَا فَإِذَا أَخْبَرَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ، وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حَالُ قَوْلِ الزَّوْجِ رَاجَعْتُك فَيَكُونُ مُقَارِنًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَتْ، ثُمَّ أَخْبَرَتْ بِالِانْقِضَاءِ لِأَنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ فِيهَا حَالُ السَّكْتَةِ فَيُصَارُ إلَيْهِ.
. (وَ) كَمَا (فِي زَوْجِ أَمَةٍ أَخْبَرَ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (بِالرَّجْعَةِ وَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ) الْأَمَةُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ بِنَاءٌ عَلَى قِيَامِ الْعِدَّةِ، وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا بَقَاءً وَانْقِضَاءً فَكَذَا فِيمَا بُنِيَ عَلَيْهِ (أَوْ قَالَتْ) الْأَمَةُ (مَضَتْ) عِدَّتِي (وَأَنْكَرَا) أَيْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ مُضِيَّ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِشَأْنِهَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
اتِّفَاقًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: بِشَرْطِ أَنْ يُصَدِّقَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَاسًا مِنْهَا كَأَنْ كَانَ نَائِمًا، أَوْ فَعَلَتْهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ، أَوْ مَعْتُوهٌ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا بِإِدْخَالِهَا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مَجْنُونٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ: وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ رَجْعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَرَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ، وَلَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِهِمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ) بَيَانُ شَرْطِ الرَّجْعَةِ وَلَهَا شُرُوطٌ خَمْسٌ تُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَتْ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ وَكَذَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا وَمَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ إعْلَامِ الْغَائِبَةِ بِهَا فَسَهْوٌ كَذَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: أُجِيبَ بِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ. . . إلَخْ)
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا مُشْكِلٌ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهَا السُّؤَالُ، وَالْمَعْصِيَةُ بِالْعَمَلِ بِمَا ظَهَرَ عِنْدَهَا اهـ قَالَ الْكَمَالُ: وَلَيْسَ السُّؤَالُ إلَّا لِدَفْعِ مَا هُوَ مُتَوَهَّمُ الْوُجُودِ بَعْدَ تَحَقُّقِ عَدَمِهِ فَهُوَ وِزَانُ إعْلَامِهِ إيَّاهَا، إذْ هُوَ أَيْضًا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذًا كَانَ مُسْتَحَبًّا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّجْعَةَ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْمُرَاجَعَةُ بِالنَّظَرِ لِدَاخِلِ فَرْجِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا وَلَوْ قَصَدَ الرَّجْعَةَ دَفْعًا لِوُقُوعِ الرَّجْعَةِ بِالْمَكْرُوهِ وَصَرَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ بِالْإِطْلَاقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا وَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فَالنَّظَرُ لَهُ مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ إنَّمَا نُدِبَ إعْلَامُهَا بِدُخُولِهِ لِخَوْفِ أَنْ يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَوْضِعٍ يَصِيرُ بِهِ مُرَاجِعًا وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا فَيَحْتَاجَ إلَى طَلَاقِهَا فَتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَيَلْزَمَهَا الضَّرَرُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا لِمَا يَأْتِي) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ: وَتُحَلَّفُ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي رَاجَعْتُكِ) لَيْسَ هُوَ مِثْلَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا تُحَلَّفُ هُنَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَوَقَعَ فِي التَّبْيِينِ - وَتَبِعَهُ فِي الْفَتْحِ - أَنَّهَا تُحَلَّفُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ صَحَّتْ عِنْدَهُمَا فَعَلَامَ تُسْتَحْلَفُ وَاَلَّذِي فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَجَابَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا لَوْ قَالَا: كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ فَرَاجِعْهَا اهـ. وَبَعْدُهُ لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَذَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ) أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَفِي قَلْبِهِ الْقَوْلُ لِسَيِّدِهَا فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ، وَفِي النَّهْرِ هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَأَنْكَرَ. . . إلَخْ) أَيْ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ، إذْ لَوْ أَخْبَرَتْ بِأَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا لَهُ