للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَآرِبِ) جَمْعُ مَأْرَبَةٍ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ (السَّمِيَّةِ) أَيْ الرَّفِيعَةِ (الَّتِي يَجِبُ أَنْ يُوَجَّهَ تِلْقَاءَهَا) أَيْ جِهَتَهَا (عَنَانُ الْعِنَايَةِ وَيُصْرَفُ إلَيْهَا أَعْمَارُ أَهْلِ الْهِدَايَةِ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ عِلْمَ الْفِقْهِ) اسْمُ إنَّ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ (الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِنِظَامِ الْمَعَاشِ وَنَجَاةِ الْمَعَادِ وَفَلَاحِ الْعِبَادِ بِنَيْلِ الْمُرَادِ يَوْمَ التَّنَادِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفَاعَلَ مِنْ النِّدَاءِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَوْمٌ يُنَادِي أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ وَبِالْعَكْسِ (وَلَقَدْ كُنْت صَرَفْت) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّصْنِيفِ (شَطْرًا) أَيْ بَعْضًا (مِنْ عُنْفُوَانِ الشَّبَابِ إلَى تَدَبُّرِ) أَيْ تَفَكُّرٍ (لِطَائِفِهِ وَتَدَرُّبِ) أَيْ اعْتِيَادِ (تَصَفُّحِ) تَقُولُ تَصَفَّحْت الشَّيْءَ إذَا نَظَرْت فِي صَفَحَاتِهِ (مَا فِيهِ مِنْ الْكُتُبِ وَالْأَبْوَابِ حَتَّى اتَّجَهَ لِي أَنْ أَكْتُبَ فِيهِ مَتْنًا كَمَا فِي الْأُصُولِ) وَهُوَ مِرْقَاةُ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الْأُصُولِ (بَيْدَ) أَيْ إلَّا (أَنَّ عَوَائِقَ الدَّهْرِ عَاقَتْهُ) أَيْ كَتْبَ الْمَتْنِ (عَنْ الْحُصُولِ حَتَّى سَاقَنِي زَمَانِي حِينَ رَمَانِي بِمَا رَمَانِي) إشَارَةٌ إلَى مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ مَرَضِ الطَّاعُونِ عَامَ الْوَبَاءِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ (إلَى أَنْ عَزَمْت) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَاقَنِي (عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى شَأْنُهُ وَعَظُمَ سُلْطَانُهُ إنْ خَلَّصَنِي مِنْ هَذِهِ الْآفَةِ بِحَيْثُ أَقْدِرُ عَلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي مَهَامِهِ الْمَعَارِفِ، وَالْعُلُومِ وَمَفَاوِزِ الْإِدْرَاكَاتِ وَالْفُهُومِ) الْمَهَامِهُ جَمْعُ مَهْمَهَ بِمَعْنَى الصَّحْرَاءِ، وَالْمَفَاوِزُ جَمْعُ مَفَازَةٍ بِمَعْنَى مَوْضِعِ الْفَوْزِ سُمِّيَ بِهِ الصَّحْرَاءُ تَفَاؤُلًا (أَصْرِفْ) جَزَاءٌ لِقَوْلِهِ إنْ خَلَّصَنِي (خُلَاصَةً مِنْ بَقِيَّةِ عُمُرِي الْمَوْهِبَةِ إلَى إبْرَازِ مَا فِي خَلَدِي) أَيْ قَلْبِي (بِطَرِيقَةٍ مَنْدُوبَةٍ) بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ أُصَنِّفَ فِيهِ) أَيْ فِي الْفِقْهِ (مَتْنًا مَتِينًا) أَيْ قَوِيًّا (رَائِقًا) أَيْ مُعْجِبًا (نِظَامُهُ) أَيْ تَرْتِيبُهُ (وَأَرْصُفَ) أَيْ أُرَتِّبَ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ عَقْدُ الْحِجَارَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِلْإِحْكَامِ (بُنْيَانًا) وَهُوَ مَا رُكِّبَ وَسُوِّيَ كَالْحَائِطِ.

(رَصِينًا) أَيْ مُحْكَمًا (أَنِيقًا) هُوَ أَيْضًا بِمَعْنَى مُعْجِبًا (انْتِظَامُهُ خَالِيًا) أَيْ سَالِمًا (عَنْ الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ حَالِيًا) أَيْ مُزَيَّنًا (بِالْقُيُودِ) الْمَذْكُورَةِ فِي الشُّرُوحِ، وَالْفَتَاوَى لِإِطْلَاقَاتِ الْمُتُونِ.

(وَالْإِشَارَاتِ) إلَى مَا وَقَعَ فِي الْمُتُونِ مِنْ الْمُسَامَحَاتِ، وَالْمُسَاهَلَاتِ (الشَّرِيفَةِ اللَّطِيفَةِ) مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ، وَالنَّشْرِ (مُحْتَوِيًا عَلَى مَسَائِلَ مُهِمَّاتٍ خَلَتْ عَنْهَا الْمُتُونُ الْمَشْهُورَةُ مُنْطَوِيًا عَلَى أَحْكَامِ) أَيْ قَضَايَا (مُلِمَّاتٍ) أَيْ وَقَائِعَ (لَمْ تَكُنْ) تِلْكَ الْأَحْكَامُ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ الْمُتُونِ الْمَشْهُورَةِ (مَسْطُورَةً مُعْجِبًا نَظْمُهُ الْفَصِيحَ الْأَدِيبَ) أَيْ الْمَاهِرَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ.

(وَمُونِقًا فَحْوَاهُ الْفَقِيهَ الْأَرِيبَ) أَيْ الْعَاقِلُ وَلَا يَخْفَى لُطْفُ تَوْصِيفِ الْفَصِيحِ بِالْأَدِيبِ، وَالْفَقِيهِ بِالْأَرِيبِ (فَلَمَّا أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيَّ بِإِمَاطَةِ) أَيْ إزَالَةِ (مَا بِي مِنْ السَّقَامَةِ وَأَلْبَسَنِي مِنْ خَزَائِنِ رَأْفَتِهِ حُلَّةَ السَّلَامَةِ شَرَعْتُ فِي مَا أَرَدْتُ وَبَدَأْتُ بِمَا قَصَدْتُ وَرَاعَيْتُ مَا ذَكَرْتُ) مِنْ اتِّصَافِ الْمَتْنِ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ (بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ مُسْتَعِينًا فِي ذَلِكَ) بِالْمَلِكِ الْمَنَّانِ وَعَزَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ (بِغُرَرِ الْأَحْكَامِ) بَعْدَ أَنْ يُيَسِّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِي الِاخْتِتَامَ مُبْتَهِلًا إلَيْهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ.

(وَأَنْ يُوَفِّقَنِي لِاخْتِتَامِهِ إنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنِي لِاخْتِتَامِهِ، وَصَرَفَ عَنِّي الْعَوَائِقَ عَنْ إتْمَامِهِ مَعَ ابْتِلَائِي بِكَثْرَةِ الْمُشَادَّةِ وَالْمَشَاغِلِ، وَتَفَاقُمِ الْمَوَانِعِ عَلَيَّ وَالشَّوَاغِلِ، وَالْمَسْئُولِ مِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فَهُوَ أَصَحُّ تَصْحِيحٍ.

وَهَذَا حَسَبُ طَاقَتِي وَهِيَ الْقَاصِرَةُ وَهِمَّتِي وَهِيَ الْفَاتِرَةُ مَعَ كَثْرَةِ الْغُمُومِ وَقِلَّةِ الْمَوَادِّ وَوَفْرَةِ الْهُمُومِ، وَنُدْرَةِ الْمَوَادِّ وَابْتِغَائِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَحُصُولَ رِضْوَانِهِ، وَالْفَوْزَ بِمُشَاهَدَةِ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ فِي أَعَالِي جَنَّاتِهِ وَأَرْجُو مِنْ جَزِيلِ كَرَمِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عُمْدَةً وَذَخِيرَةً لِي وَلِإِخْوَانِي فِي اللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَائِلًا مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَمَّا كَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى مُغْنِيًا فِي بَابِهِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ طَاوِيًا شُقَّةَ الْمَشَقَّةِ فِي طَلَبِ الْمَسَائِلِ الْمُحَرَّرَةِ مُوَفِّرًا الْعَائِدَةَ عِنْدَ أُولِي النُّهَى، وَالتَّبْصِرَةِ مُوفِي الْفَائِدَةَ لَدَى ذِي التُّقَى، وَالْبَصَائِرِ النَّيِّرَةِ

(سَمِيَّةُ غُنْيَةَ ذَوِي الْأَحْكَامِ فِي بُغْيَةِ دُرَرِ الْأَحْكَامِ) وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ ذِي الْجَلَالِ، وَالْإِكْرَامِ وَأَنْ يُوَفِّقَ لِلْإِتْمَامِ وَيُيَسِّرَ لِلِاخْتِتَامِ رَبَّنَا عَلَيْك تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْك أَنَبْنَا وَإِلَيْك الْمَصِيرُ أَنْتَ مَوْلَانَا فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ الْمَصِيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>