للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالشُّهُورِ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ أَيِسَتْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً، أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ أَيِسَتْ أَيْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَهِيَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ احْتِرَازًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ بَدَلٌ مِنْ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ فَلَوْ جَعَلَ الْحَيْضَةَ الَّتِي رَأَتْ قَبْلَ الْإِيَاسِ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْوَقْتِ لِيَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتٌ لَزِمَ الْجَمْعُ الْمَمْنُوعُ وَالْعَجَبُ مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ بَعْدَمَا وَقَعَتْ كَمَا نَقَلْنَا كَيْفَ قَالَ أَقُولُ الِاسْتِئْنَافُ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ عِدَّتَهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَالْحَيْضَةُ الَّتِي رَأَتْ قَبْلَ الْإِيَاسِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْوَقْتِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتٌ.

(مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ (عَلَيْهَا عِدَّةٌ أُخْرَى) لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ (وَتَدَاخَلَتَا) أَيْ الْعِدَّتَانِ (فَمَا تَرَاهُ) أَيْ إذَا تَدَاخَلَتَا يَكُونُ مَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ بَعْدَ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ (مِنْهُمَا) أَيْ الْعِدَّتَيْنِ (وَإِذَا تَمَّتْ) الْعِدَّةُ (الْأُولَى) وَلَمْ تَكْمُلْ الثَّانِيَةُ (انْقَضَى بَعْضُ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا) إذَا وَجَبَتْ عَلَى الْمَرْأَةِ عِدَّتَانِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، أَوْ طَلَّقَهَا بِأَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ تَدَاخَلَتَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَكَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْمُطَلَّقَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَوَطِئَهَا الثَّانِي وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا تَدَاخَلَتَا عِنْدَنَا وَيَكُونُ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْحَيْضِ مُحْتَسَبًا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَلَمْ تَكْمُلْ الثَّانِيَةُ فَعَلَيْهَا إتْمَامُ الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ وَصُورَتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ بَعْدَمَا رَأَتْ حَيْضَةً يَجِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ الثَّانِي ثَلَاثُ حِيَضٍ أَيْضًا، فَالْحَيْضَةُ الْأُولَى مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى، وَحَيْضَتَانِ بَعْدَهَا مِنْ الْعِدَّتَيْنِ فَتَتِمُّ الْعِدَّةُ الْأُولَى وَتَجِبُ حَيْضَةٌ رَابِعَةٌ لِتَتِمَّ الْعِدَّةُ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَا رَأَتْ حَيْضَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهِيَ تَنُوبُ عَنْ سِتِّ حِيَضٍ.

(وَمُعْتَدَّةُ وَفَاةٍ وُطِئَتْ بِهَا) أَيْ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ وَتَحْتَسِبُ بِمَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ (فِيهَا) أَيْ فِي الشُّهُورِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ لِلْآخَرِ وَتَحْتَسِبُ بِمَا حَاضَتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّدَاخُلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَهَذَا الشِّقُّ مِنْ الْعِدَّةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ.

(وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ تَنْقَضِي، وَإِنْ جَهِلَتْ الْمَرْأَةُ بِهِمَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ حَتَّى إنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَبَلَغَهَا خَبَرُ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا - بَعْدَمَا رَأَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ -، أَوْ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً (وَابْتِدَاؤُهَا) أَيْ ابْتِدَاءُ عِدَّتِهَا (عَقِيبَهُمَا) أَيْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لَا عَقِيبَ عِلْمِهَا بِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهُمَا يَتَّصِفَانِ بِهَا عَقِيبَهُمَا.

(وَ) ابْتِدَاؤُهَا (فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ عَقِيبَ تَفْرِيقِهِ) أَيْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي (أَوْ عَزْمِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ) بِأَنْ يَقُولَ تَرَكْتُكِ، أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَكِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

(قَالَتْ: مَضَتْ عِدَّتِي وَكَذَّبَهَا) الزَّوْجُ (حَلَفَتْ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِيمَا تُخْبِرُ وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ (نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْحَيْضَ تَسْتَأْنِفُهَا كَمَا تَسْتَأْنِفُ بِالشُّهُورِ مَنْ حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ أَيِسَتْ غَايَتُهُ لُزُومُ السُّكُوتِ عَنْ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا رَأَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ الِاعْتِدَادِ وَلَا يَضُرُّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ، وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِالْوَطْءِ - وَلَوْ ادَّعَى ظَنَّ الْحِلِّ -، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ كَذَا فِي النَّهْرِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: كُلُّ مَنْ حَبِلَتْ فِي عِدَّتِهَا فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا إذَا حَبِلَتْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَعِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَابْتِدَاؤُهَا عَقِيبَهُمَا أَيْ عَقِيبَ الطَّلَاقِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ بَيَّنَ طَلَاقَهَا فَإِنَّ عِدَّتَهَا مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ لَا مِنْ وَقْتِ قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ تَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ، وَلَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ مُنْذُ سِنِينَ فَكَذَّبَتْهُ، أَوْ قَالَتْ لَا: أَدْرِي تَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ اعْتَدَّتْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ وَقِيلَ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِلَا نَفَقَةٍ كَذَا فِي الْمَوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ: تَرَكْتُكِ. . . إلَخْ) هَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِمَا فِي السِّرَاجِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَيَكْفِي تَفَرُّقُ الْأَبْدَانِ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَهَا عَلَى قَصْدِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ مَشَى فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ وَأَحَالَ عَلَى كِتَابِ الدَّعْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>