للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِزَوْجَتِهِ) سَوَاءٌ كَانَتْ (مُسْلِمَةً، أَوْ كَافِرَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ) أَيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُوطَأَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يُوجَدْ تَسْلِيمُ الْبُضْعِ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ فَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُطِيقَانِ الْجِمَاعَ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ مَعْنًى جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا فَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُجْعَلَ الْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهِ كَالْمَعْدُومِ فَالْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهَا قَائِمٌ وَمَعَ قِيَامِ الْمَنْعِ مِنْ قِبَلِهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَقِيرَةً، أَوْ غَنِيَّةً) فَإِنَّ غِنَاهَا لَا يُبْطِلُ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا (مَوْطُوءَةً، أَوْ لَا) كَمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ (بِقَدْرِ حَالِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَتَجِبُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فِي الْمُوسِرَيْنِ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَفِي الْمُعْسِرَيْنِ نَفَقَةُ الْعِسَارِ وَالْمُخْتَلِفِينَ) بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ مُعْسِرَةً وَالزَّوْجُ مُوسِرًا، وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْعَكْسِ (بَيْنَ الْحَالَيْنِ) أَيْ نَفَقَةٌ دُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَاتِ وَفَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَاتِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ: الْمُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَلَوْ) هِيَ (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخِي: لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا لَمْ تُزَفَّ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ وَهُوَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ تُزَفَّ (أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهَا إذَا كَانَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الِاحْتِبَاسَ قَائِمٌ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَيَمَسُّهَا وَتَحْفَظُ الْبَيْتَ، وَالْمَانِعُ لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ مَرِضَتْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِتَحَقُّقِ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ مَرِضَتْ ثُمَّ سَلَّمَتْ لَا تَجِبُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَصِحُّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

(لَا) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ (لِنَاشِزَةٍ) وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ فَقِيلَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالسِّنِّ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلِاحْتِمَالِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فَإِنَّ السَّمِينَةَ الضَّخْمَةَ تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةَ السِّنِّ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقِيلَ أَقَلُّهَا سَبْعُ سِنِينَ وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ اخْتَارَ مَشَايِخُنَا تِسْعَ سِنِينَ، وَالْحَقُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ.

(قَوْلُهُ: مَوْطُوءَةً، أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَا وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا ذَكَرَهُ شَرْحًا لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ.

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَالِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ الْمَأْكَلُ وَالْمَلْبَسُ وَالْمَسْكَنُ أَمَّا الْمَأْكَلُ فَكَالدَّقِيقِ وَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ وَالْمِلْحِ وَالدُّهْنِ وَلَا تُجْبَرُ قَضَاءً عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَيَأْتِيهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ أَوْ بِمَنْ يَكْفِيهَا الطَّبْخَ وَالْخَبْزَ، وَأَمَّا دِيَانَةً فَيَجِبُ عَلَيْهَا الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ وَكَنْسُ الْبَيْتِ وَغَسْلُ الثِّيَابِ كَإِرْضَاعِ وَلَدِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ إنَّمَا يَأْتِيهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ إذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَا تَخْدُمُ بِنَفْسِهَا فِي أَهْلِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَكِنْ بِهَا عِلَّةٌ تَمْنَعُهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ وَهَذَا بِخِلَافِ خَادِمَتِهَا إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ لِمُقَابَلَتِهَا بِالْخِدْمَةِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَ الْكِسْوَةِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ: وَأَمَّا الْمَلْبُوسُ فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَقَدْرُ الْكِسْوَةِ بِدِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ وَمِلْحَفَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْمِلْحَفَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الْمِلَاءَةُ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ غِطَاءُ اللَّيْلِ يُلْبَسُ فِي النَّهَارِ وَذِكْرُ دِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ أَرَادَ بِهِ صَيْفًا وَشِتَاءً رَقِيقًا لِزَمَانِ الْحَرِّ وَثَخِينًا لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرَاوِيلَ فِي الصَّيْفِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الشِّتَاءِ وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَأَمَّا فِي دِيَارِنَا يَجِبُ السَّرَاوِيلُ وَثِيَابٌ أُخْرَى كَالْجُبَّةِ وَالْفُرُشِ الَّذِي تَنَامُ عَلَيْهِ وَاللِّحَافِ وَمَا يُدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي الشِّتَاءِ دِرْعُ خَزٍّ وَجُبَّةُ قَزٍّ وَخِمَارُ إبْرَيْسَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخُفَّ وَالْمُكَعَّبَ فِي النَّفَقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْخُرُوجِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ اهـ.

وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْكَنَ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ يُعْتَبَرُ حَالُهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخِي: لَا تَسْتَحِقُّ. . . إلَخْ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهَا الْقُدُورِيُّ وَلَيْسَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْأَقْطَعِ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ فِي شَرْحِهِ " إنَّ تَسْلِيمَهَا نَفْسَهَا شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ " مَنْظُورٌ فِيهِ، ثُمَّ قَرَّرَهُ عَلَى وَجْهٍ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى بَيْتِهِ وَلَمْ تَمْتَنِعْ هِيَ تَجِبُ النَّفَقَةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ وَمَا فَصَّلَهُ قَاضِي خَانْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَ مَرَضًا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَوْعِ انْتِفَاعٍ لَا تَسْقُطُ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْهِدَايَةِ) عِبَارَتُهَا قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ، وَفِي لَفْظِ الْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>