للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَالُ (وَيُحَلِّفُهَا) أَيْ الْقَاضِي الزَّوْجَةَ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْغَائِبَ (لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَكْفُلُهَا) لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْطِي الْكَفِيلَ وَلَا يُحَلِّفُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْكِسُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا نَظَرًا لِلْغَائِبِ (لَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تُفْرَضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ أَيْ لَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ بِإِقَامَةِ الزَّوْجَةِ بَيِّنَةً (عَلَى النِّكَاحِ وَلَا) تُفْرَضُ أَيْضًا (إنْ لَمْ يَتْرُكْ) أَيْ الْغَائِبُ (مَالًا فَإِقَامَتُهَا) أَيْ إقَامَةُ الزَّوْجَةِ الْبَيِّنَةَ (لِيَفْرِضَهَا) أَيْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَائِبِ (وَيَأْمُرُهَا بِالِاسْتِدَانَةِ) لِأَنَّ فِيهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ (وَلَا يَقْضِي بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَيْضًا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (وَقَالَ زُفَرُ: يَقْضِي بِهَا لَا بِهِ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ لَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَصَدَّقَهَا فَقَدْ أَخَذَتْ حَقَّهَا، وَإِنْ جَحَدَ يُحَلَّفُ فَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً فَقَدْ ثَبَتَ حَقُّهَا فَإِنْ عَجَزَتْ يَضْمَنُ الْكَفِيلُ أَوْ الْمَرْأَةُ (وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِ زُفَرَ (يُعْمَلُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا دُونَهُ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَنَفَقَةُ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِدُونِ رِضَاهُ، فَيَكُونُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ إعَانَةً وَفَتْوَى مِنْ الْقَاضِي بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَبْلَ الْقَضَاءِ إذَا ظَفِرُوا بِهِ فَكَانَ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ ابْتِدَاءَ إيجَابٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ.

(وَ) تَجِبُ (لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ) رَجْعِيًّا كَانَ، أَوْ بَائِنًا (وَ) مُعْتَدَّةِ (التَّفْرِيقِ إلَّا بِمَعْصِيَةٍ) كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ (أَوْ) التَّفْرِيقِ (لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلِأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَهُ قَائِمٌ لَا سِيَّمَا عِنْدَنَا؛ إذْ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ، وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ كَمَا ذُكِرَ وَالِاحْتِبَاسُ قَائِمٌ فِي حَقِّ حُكْمٍ مَقْصُودٍ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ الْوَلَدُ؛ إذْ الْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ لِصِيَانَةِ الْوَلَدِ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَلِهَذَا كَانَ لَهَا السُّكْنَى بِالْإِجْمَاعِ (لَا الْمَوْتِ وَالْمَعْصِيَةِ) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ وَالتَّفْرِيقِ بِمَعْصِيَةٍ كَالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مَالِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا مَالَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا فِي مَالِ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا صَارَتْ حَابِسَةً نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَارَتْ كَالنَّاشِزَةِ.

(وَتَسْقُطُ) أَيْ النَّفَقَةُ (بِارْتِدَادِ مُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ لَا بِتَمْكِينِهَا ابْنَهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ وَلَا عَمَلَ فِيهَا لِلرِّدَّةِ وَالتَّمْكِينِ إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ، وَالْمُمَكِّنَةُ لَا تُحْبَسُ فَلَهَا النَّفَقَةُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ دُخُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَكْفُلُهَا) كَذَلِكَ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ مِنْ الْقَرِيبِ وِلَادًا وَيُحَلِّفُهُ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ كَفِيلًا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ مُحْتَاطٌ، وَفِي أَخْذِ الْكَفِيلِ نَظَرٌ لِلْغَائِبِ اهـ أَيْ وَكَذَلِكَ فِي التَّحْلِيفِ وَلَكِنَّهُ لَوْ كَانَ صَغِيرًا كَيْفَ يُحَلَّفُ، فَلْيُنْظَرْ.

(قَوْلُهُ: لَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى النِّكَاحِ) يَعْنِي لَوْ لَمْ يُقِرَّ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا أَيْ بِقَوْلِ زُفَرَ يُعْمَلُ لِلْحَاجَةِ) كَذَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُهَا اهـ.

وَقَالَ الْخَصَّافُ وَهَذَا أَوْفَقُ بِالنَّاسِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَفِي غَيْرِهِ وَبِهِ يُفْتَى.

(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُمْ الزَّوْجَةُ وَالْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ اهـ. وَيُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ الْكِبَارُ الزَّمْنَى وَنَحْوُهُمْ لِأَنَّهُمْ كَالصِّغَارِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ اهـ كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ وَيُنْظَرُ مَاذَا يُرَادُ بِنَحْوِهِمْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ نَحْوُ الْعَمِّ وَالْأَخِ فَلْيُنْظَرْ.

(قَوْلُهُ: كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ) هَذَا مِثَالٌ لِغَيْرِ الْمَنْفِيِّ اهـ.

وَلَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ أَوْ الْعُنَّةِ، أَوْ الْجَبِّ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُسْلِمَ لَا عَكْسُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ: وَالتَّفْرِيقُ لِشُمُولِهِ هَذَا.

(قَوْلُهُ: النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) كَذَا الْكِسْوَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْغَايَةِ وَالْمُجْتَبَى قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَطُولُ غَالِبًا فَيُسْتَغْنَى عَنْهَا حَتَّى لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا تُفْرَضُ لَهَا كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ.

(قَوْلُهُ: لَا الْمَوْتِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا إلَّا إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْصِيَةِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ " وَالتَّفْرِيقِ لَا بِمَعْصِيَةٍ ".

(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ بِارْتِدَادِ مُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْمُبَانَةَ بِمَا دُونَهَا كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ) يُشِيرُ إلَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمُرْتَدَّةُ أَيْ بَعْدَمَا أَبَانَهَا وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ اهـ كَذَا لَوْ عَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ مُرْتَدَّةً كَمَا فِي الْفَتْحِ كَالنَّاشِزَةِ إذَا رَجَعَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ حَيْثُ لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَلَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَتْ مُسْلِمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَيْفَمَا كَانَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ، أَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَسْقُطُ بِاللِّحَاقِ حُكْمًا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ اهـ.

وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِلِحَاقِهَا وَهُوَ مَحْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>