مِلْكُ الْمَوْلَى (وَلَوْ) كَانَ مِمَّا كَسَبَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ (لَا) يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ مِنْ جِهَتِهِ بِالْأَدَاءِ مِنْهُ (وَعَتَقَ فِي حَالَيْهِ) أَيْ حَالَ أَدَائِهِ مِنْ كَسْبِهِ قَبْلَ التَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (فَإِنْ عَلَّقَ) الْمَوْلَى (بِأَنْ) قَالَ إنْ أَدَّيْت. . . إلَخْ (تَقَيَّدَ أَدَاؤُهُ) أَيْ أَدَاءُ الْعَبْدِ أَوْ أَدَاءُ الْمَالِ (بِالْمَجْلِسِ) فَإِنْ أَدَّى فِيهِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَبِإِذَا لَا) يَتَقَيَّدُ بِهِ، لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ كَمَتَى كَمَا مَرَّ.
(قَالَ) الْمَوْلَى (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِأَلْفٍ إنْ قَبِلَ) الْعَبْدُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ عَتَقَ بِهِ) أَيْ بِالْأَلْفِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ الْعِتْقَ بِالْأَلْفِ بَعْدَهُ أَوْ قَبِلَ وَلَمْ يُعْتِقْهُ الْوَارِثُ (فَلَا) أَيْ لَا يَعْتِقُ بِالْأَلْفِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْتِقَهُ الْوَارِثُ مَجَّانًا اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ أُضِيفَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْقَبُولِ قَبْلَ وُجُودِ الْإِيجَابِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْتِ حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا قَبْلَ غَدٍ وَاعْتُبِرَ إعْتَاقُ الْوَارِثِ حَتَّى أَنَّ الْعَبْدَ إنْ قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ بِالْمَوْتِ فَفِي مِثْلِهِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِنَفْسِ الْمَوْتِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إعْتَاقُ أَحَدٍ.
(حَرَّرَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً فَقَبِلَ عَتَقَ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى شَيْءٍ يَقْتَضِي وُجُودَ الْقَبُولِ لَا وُجُودَ الْمَقْبُولِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي كَذَا سَنَةً وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنْ خَدَمْتنِي كَذَا مُدَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَخْدُمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، وَالْأَوَّلُ مُعَاوَضَةٌ (وَلَزِمَتْهُ) أَيْ لَزِمَتْ الْخِدْمَةُ الْعَبْدَ إذَا سَلَّمَ لَهُ الْمُبْدَلَ فَلَزِمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ (فَإِنْ مَاتَ هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (أَوْ مَوْلَاهُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْخِدْمَةِ (تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ) وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْعَبْدَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ فِي الْمُدَّةِ (كَبَيْعِ عَبْدٍ مِنْهُ بِعَيْنٍ فَهَلَكَتْ) الْعَيْنُ (تَجِبُ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْخِلَافِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى خِلَافِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: بِعْت نَفْسَك مِنْك بِهَذِهِ الْعَيْنِ فَهَلَكَتْ الْعَيْنُ تَجِبُ قِيمَةُ الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا وَقِيمَةُ الْعَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، لَهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّهِ إذْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لَا بِقِيمَةِ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَكَذَا الْمَنَافِعُ صَارَتْ مَالًا بِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِأَمَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَبِ لَا بِقِيمَةِ الْأَمَةِ.
(قَالَ) رَجُلٌ لِمَوْلَى أَمَةٍ (اعْتِقْهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا إنْ فَعَلَ) أَيْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى (وَأَبَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ الْأَمَةُ عَلَى النِّكَاحِ (عَتَقَتْ) الْأَمَةُ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَائِلِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ فِي الطَّلَاقِ لَا الْعَتَاقِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ ضَمَّ) الْقَائِلُ (عَنِّي) وَقَالَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءُ الْمَالِ بِالْمَجْلِسِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْعَبْدُ لِاخْتِصَاصِ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ، لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ فَأَدَّى لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاؤُهُ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَدَاءِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ حَقِيقَةً فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَكَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ وَحُصُولُ الْبَدَلِ هُوَ الْمَقْصُودُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ) كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَنْ الْمَشَايِخِ لَا يَعْتِقْ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ الْوَرَثَةُ وَزَادَ غَيْرُهُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي إنْ امْتَنَعُوا وَتَوَقَّفَ عِتْقُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يَعْتِقُ بِلَا إعْتَاقٍ، وَالْوَارِثُ يَمْلِكُ عِتْقَهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا، وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُهُ تَنْجِيزًا فَقَطْ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ لَا لِلْوَارِثِ مِنْ الْفَتْحِ، وَالْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي هَذِهِ الْخِلَافِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى خِلَافَتِهِ أُخْرَى) قَالَ الْكَمَالُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ بِنَاءَ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ بَلْ الْخِلَافُ فِيهِمَا مَعًا ابْتِدَائِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنْ خَدَمْتنِي كَذَا مُدَّةً. . . إلَخْ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِإِنْ تَقَيَّدَ أَدَاؤُهُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ أَدَاءَ الْمَالِ مُمْكِنٌ فِي الْمَجْلِسِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ، وَالْخِدْمَةُ سَنَةً لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا فِيهِ فَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَوْ عَلَّقَهَا بِإِنْ فَلْيُنْظَرْ.
(قَوْلُهُ: وَأَبَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ الْأَمَةُ عَنْ النِّكَاحِ عَتَقَتْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُهَا تَزَوُّجُهُ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي الْعَتَاقِ) قَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي الْخُلْعِ كَالْمَرْأَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِلْكٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَمْلِكُهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ فِيهِ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ هِيَ مِلْكُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ إلَّا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُعَوَّضُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ: يَعْنِي فِي خُلْعِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ