للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِرَاشًا كَالْمَنْكُوحَةِ وَلِهَذَا لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْعِتْقِ.

(وَ) لَكِنْ (انْتَفَى) بِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ حَتَّى يَمْلِكُ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِنَفْيِهِ إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأْكِيدِ الْفِرَاشِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ حُكْمُ الْقَضَاءِ وَأَمَّا الدِّيَانَةُ فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَحَصَّنَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ وَيَدَّعِيَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ، وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُحَصِّنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ يُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ، وَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ أَمَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ كَالتَّدْبِيرِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ الْوَلَدُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(أُمُّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَعَتَقَتْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السِّعَايَةِ.

(ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إذَا ثَبَتَ مِنْهُ فِي نِصْفِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْعُلُوقُ لَا يَتَجَزَّأُ إذْ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فِرَاشًا) ، كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي تَعْرِيفِ الْفِرَاشِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مَقْصُودًا مِنْ وَطْئِهَا الْوَلَدُ ظَاهِرًا كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ الَّذِي عَرَّفُوا بِهِ الْفِرَاشَ وَظَهَرَ أَنْ لَيْسَ الْفِرَاشُ ثَلَاثَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ بَلْ فِرَاشَانِ قَوِيٌّ هُوَ فِرَاشُ الْمَنْكُوحَةِ، وَضَعِيفٌ وَهُوَ فِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ فَانْتَفَى وَلَدُهَا بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ، وَوَلَدُ الْمَنْكُوحَةِ بِاللِّعَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِفِرَاشٍ لِمَوْلَاهَا وَذَلِكَ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْفِرَاشِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مُعَيَّنَةً لِثُبُوتِ نَسَبِ مَا تَأْتِي بِهِ أَوْ كَوْنِهَا يُقْصَدُ بِوَطْئِهَا الْوَلَدُ اهـ.

وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ هُوَ مِثْلُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: الْفِرَاشُ ثَلَاثَةٌ قَوِيٌّ وَهُوَ فِرَاشُ الْمَنْكُوحَةِ حَتَّى يَثْبُتُ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَضَعِيفٌ وَهُوَ فِرَاشُ الْأَمَةِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ النَّسَبُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَالْوَسَطُ فِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَيَنْتَفِي مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ اهـ.

وَمَحَلُّ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَانِعٌ مِنْ حِلِّ وَطْئِهَا كَحُرْمَتِهَا مُؤَبَّدَةً بِوَطْءِ مَوْلَاهَا أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا أَوْ وَطْءِ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ لَهَا أَوْ حُرْمَتِهَا بِإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ بِكِتَابَتِهَا أَوْ بِتَزْوِيجِهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ انْتَفَى بِنَفْيِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ كَمَا إذَا مَاتَ وَلَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا تَأْكِيدٌ بِالْحُرِّيَّةِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ الزَّمَانُ فَأَمَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَقَدْ لَزِمَهُ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَالتَّطَاوُلُ دَلِيلُ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْهُ فِيهَا دَلِيلُ إقْرَارِهِ مِنْ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِإِقْرَارِهِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي التَّطَاوُلِ سَبَقَ فِي اللِّعَانِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ) أَيْ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ بِسَبَبِ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ زِنَا الْمُسْلِمَةِ يُقَابِلُهُ أَيْ يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجُودِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ وَهُمَا الْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ ضَبْطِهِ الْعَزْلَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا ظُهُورُ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا قُضِيَ إلَيْهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا مَحَلُّ نَظَرٍ، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ) أَيْ فِيمَا لَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ جَارِيَةً لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ أُمَّهَا، وَهَذِهِ إجْمَاعِيَّةٌ قَالَ الْكَمَالُ: وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ حَيْثُ قَالَ: هُوَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ اهـ.

، وَالْجَوَابُ عَنْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ) تَتِمَّةُ: عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ اهـ.

وَهَذَا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الدُّخُولُ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ) أَيْ: وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا إذْ لَوْ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ وَلَدَهُ بَلْ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ) لَمْ يُسْتَحْسَنْ هَذَا مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَزْوِيجِ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يُسْتَحْسَنُ لَوْ كَانَ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ أُمَّ وَلَدٍ كَالصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَبْسُوطِ: زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ إلَخْ قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ) كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ مَتْنًا وَلَيْسَ مِنْ تَعَلُّقِ السَّابِقَةِ خَاصَّةً فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ بَلْ حُكْمٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَلِذَا قَالَ الْكَمَالُ: عَتَقَتْ يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَالِيَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ يُعْتِقُهَا الذِّمِّيُّ مُتَقَوِّمَةٌ وَيَتْرُكُ وَمَا يَعْتَقِدُهُ وَلِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَقَوِّمَةً فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ اهـ.

وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِنَفْيِ مَالِيَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ اهـ.

وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً، كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَتْ بَعْدَهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا تُرَدُّ إلَى الرِّقِّ لَوْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، وَالْمُدَبَّرُ إذَا أَسْلَمَ كَأُمِّ الْوَلَدِ اهـ.

وَقَالَ زُفَرُ: تَعْتِقُ لِلْحَالِ، وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا وَإِذَا مَاتَ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ وَسَقَطَتْ عَنْهَا السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>