للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَلَا يَكُونُ فَوْقَهَا بِنَاءٌ وَإِذَا كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ تَكُونُ عَلَى السِّكَّةِ فَلَا تَكُونُ بَيْتًا فَلَا يَحْنَثُ.

(وَفِي) الْحَلِفِ بِأَنَّهُ (لَا يَدْخُلُ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهَا خَرِبَةً وَفِي هَذِهِ الدَّارِ يَحْنَثُ وَإِنْ صَارَتْ صَحْرَاءَ أَوْ بُنِيَتْ بَعْدَ انْهِدَامِهَا) دَارٌ (أُخْرَى) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَامِرَةٌ وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ وَالْبِنَاءُ وَصْفٌ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَالِبِ مُعْتَبَرٌ هَذِهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَتَحْقِيقُهَا أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوَصْفِ مَا لَيْسَ صِفَةً عَرَضِيَّةً قَائِمَةً بِجَوْهَرٍ كَالشَّبَابِ وَالشَّيْخُوخَةِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ مَا يَتَنَاوَلُهَا وَيَتَنَاوَلُ جَوْهَرًا قَائِمًا بِجَوْهَرٍ آخَرَ يَزِيدُ قِيَامُهُ بِهِ حُسْنًا لَهُ وَكَمَالًا وَيُورِثُ انْتِقَاصُهُ عَنْهُ قُبْحًا لَهُ وَنُقْصَانًا حَتَّى فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَصْفِ وَالْقَدْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا يُورِثُ تَشْقِيصُهُ ضَرَرًا لِأَصْلِهِ وَالثَّانِي مَا لَا يُورِثُ ذَلِكَ وَجَعَلُوا مَا يُسَاوِي الذَّرْعَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَصْفًا وَمَا يُسَاوِي الْكَيْلَ فِي الْمَكِيلَاتِ قَدْرًا فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ اسْمًا لِلْعَرْصَةِ وَكَانَ الْبِنَاءُ وَصْفًا وَكَانَتْ الدَّارُ مُنْكَرَةً كَانَتْ غَائِبَةً فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِذَا كَانَتْ مُعَرَّفَةً كَانَتْ حَاضِرَةً فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ يَحْنَثُ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هَاهُنَا أَيْضًا مِنْ الْغَرَائِبِ لِأَنَّهُ خَالَفَ جُمْهُورَ الْأَئِمَّةِ بِرَأْيٍ غَيْرِ صَائِبٍ حَيْثُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا مُنْهَدِمَةً أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ يُطْلَقُ عَلَى الْخَرِبَةِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ الْحِنْثَ فِي لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً ثُمَّ فَرْقُهُمْ بِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ فَرْقٌ وَاهٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِصِفَةٍ مِثْلِ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِالشَّابِّ صَارَ لَغْوًا وَفِي قَوْلِنَا لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا أَيْنَ الْوَصْفُ حَتَّى يَكُونَ لَغْوًا فِي إحْدَاهُمَا غَيْرَ لَغْوٍ فِي الْآخَرِ ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ الْخُبْثَ فِي لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ وَعَدَمَهُ فِي لَا يَدْخُلُ بَيْتًا إنْ دَخَلَهُ مُنْهَدِمًا صَحْرَاءَ لِأَنَّ الْبَيْتُوتَةَ وَصْفٌ فَيَلْغُو فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ فَزَوَالُ اسْمِ الْبَيْتِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا بُنِيَتْ حَمَّامًا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ دَارًا فَإِنَّ مَا قَالَهُ فَاسِدٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ إلَى آخِرِهِ نَاشِئٌ مِنْ الْغَفْلَةِ عَنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ الْمُشَارُ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ نَاشِئٌ مِنْ الْغَفْلَةِ عَنْ مَعْنَى الْوَصْفِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ فِي الدَّارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ إلَى آخِرِهِ غَلَطٌ مَحْضٌ نَاشِئٌ مِنْ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالدَّارِ وَأَيْضًا الْبَيْتُوتَةُ لَيْسَتْ بِوَصْفٍ لِلْبَيْتِ لِأَنَّهُ كَمَا عَرَفْت عِبَارَةٌ عَنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ قَائِمٍ بِهَا الْبَيْتُوتَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ عِلَّةٌ غَائِبَةٌ لِبِنَائِهِ بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّ الْبِنَاءَ زَائِدٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي هِيَ الْعَرْصَةُ وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالُوا فِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ عِبَارَةً عَنْ الْعَرْصَةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِيمَا إذَا بُنِيَتْ حَمَّامًا لِوُجُودِ الْعَرْصَةِ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الدَّارَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَعَلَى عَرْصَةٍ مَعَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَأَمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً غَيْرَ الدَّارِ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يَزُولُ بِهِ اسْمُ الدَّارِ عَنْهُ عُرْفًا فَلَا يَكُونُ دَارًا كَأَنَّ هَذَا الْفَاضِلَ لَمْ يَنْظُرْ فِي أَلْفَاظِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

سَقْفٍ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّقْفَ وَصْفٌ فَالتَّقْيِيدُ بِهِ اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يَدْخُلُ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهَا خَرِبَةً) يَعْنِي بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِهَا بِنَاءٌ أَصْلًا بِأَنْ صَارَتْ صَحْرَاءَ فَأَمَّا إذَا دَخَلَهَا بَعْدَ مَا زَالَ بَعْضُ حِيطَانِهَا فَهَذِهِ دَارٌ خَرِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي الْمُنْكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنْ يُحْمَلَ جَوَابُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّطْحِ حَضِيرٌ وَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا يَعْنِي الْعَجَمَ لَا يَحْنَثُ بِالْوُقُوفِ عَلَى السَّطْحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَضِيرٌ اُتُّجِهَ وَهَذَا اعْتِقَادِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الدَّارِ) قَيَّدَ بِالْإِشَارَةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَشَارَ وَلَمْ يُسَمِّ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ دَارًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الِاسْمِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَهُدِمَ ثُمَّ بُنِيَ مَسْجِدًا فَدَخَلَهُ يَحْنَثُ لِعَدَمِ اعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>