للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيَجْعَلُ عَلَى وَجْهِهِ) أَيْ الضَّارِبُ (قُطْنَ رُطَبٍ وَيُقَابِلُ عَيْنَهُ بِمِرْآةٍ مُحْمَاةٍ) فَإِنَّ ضَوْءَ عَيْنِهِ أَيْضًا يَزُولُ (وَلَوْ قُلِعَتْ) أَيْ عَيْنُهُ (لَا) أَيْ لَا يُقَادُ الِامْتِنَاعُ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ قَوْلُهُ (وَكُلُّ شَجَّةٍ) عُطِفَ عَلَى الرَّجُلِ أَيْ كَذَا كُلُّ شَجَّةٍ (يُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ) حَيْثُ يَثْبُتُ فِيهِ الْقَوَدُ كَالْمُوضِحَةِ وَهِيَ أَنْ يُظْهِرَ الْعَظْمَ كَمَا سَيَأْتِي

(لَا قَوَدَ فِي عَظْمٍ إلَّا السِّنَّ) بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ» وَقَالَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ إلَّا فِي السِّنِّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ (وَإِنْ تَفَاوَتَا) فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّفَاوُتَ فِي الْمَنْفَعَةِ (فَتُقْلَعُ) سِنُّ الضَّارِبِ (إنْ قُلِعَتْ) سِنُّ الْمَضْرُوبِ (وَتُبْرَدُ) أَيْ تُكْسَرُ بِالْمِبْرَدِ (إنْ كُسِرَتْ) إلَى أَنْ يَتَسَاوَيَا (وَلَا) قَوَدَ أَيْضًا (فِي طَرَفَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ وَعَبْدَيْنِ) لِأَنَّ الْأَطْرَافَ فِي حُكْمِ الْأَمْوَالِ فَتَنْتِفِي الْمُمَاثَلَةُ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ (وَلَا) قَوَدَ أَيْضًا (فِي قَطْعِ يَدٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ) لِمَا مَرَّ (وَجَائِفَةٍ بَرِئَتْ) لِأَنَّ الْبُرْءَ فِي الْجَائِفَةِ نَادِرٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْرَحَ الثَّانِيَ عَلَى وَجْهٍ يَبْرَأُ مِنْهُ فَيَكُونُ إهْلَاكًا فَلَا يَجُوزُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَبْرَأْ فَإِنْ سَرَتْ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا يُقَادُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَالُ مِنْ الْبُرْءِ أَوْ السِّرَايَةِ (وَلَا) قَوَدَ أَيْضًا (فِي لِسَانٍ وَذَكَرٍ) لِامْتِنَاعِ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِمَا لِأَنَّ الِانْقِبَاضَ وَالِانْبِسَاطَ يَجْرِي فِيهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْأَصْلِ يُقْتَصُّ (إلَّا إذَا قَطَعَ) مِنْ الذَّكَرِ (الْحَشَفَةَ) لِإِمْكَانِ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ حِينَئِذٍ (وَطَرَفُ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءً) لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْشِ (وَخُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةً) أَيْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ (أَوْ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْثَرَ) مِنْ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ (بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْأَرْشِ الْكَامِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خُيِّرَ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ يَدِ الْمَقْطُوعِ فَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ مُتَعَذَّرٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِدُونِ حَقِّهِ فِي الْقَطْعِ وَبَيْنَ أَنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَكُلُّ شَجَّةٍ يُرَاعَى فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فَلَا قَوَدَ فِي مُوضِحَةِ الْأَصْلَعِ الَّذِي ذَهَبَ شَعْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاجُّ كَذَلِكَ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ قِيلَ لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الشِّجَاجِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْقِيمَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَقِيلَ يَجْرِي وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ تَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ وَإِلْحَاقَ الشَّيْنِ وَقَدْ تَفَاوَتَا فِي الْمَنْفَعَةِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَيْسَ فِي هَذَا الشِّجَاجِ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ إلْحَاقُ الشَّيْنِ وَقَدْ تَسَاوَيَا فِي إلْحَاقِ الشَّيْنِ فَإِنَّهُ يُلْحِقُ الشَّيْنَ بِهَا بِالشِّجَاجِ مِثْلَ مَا يَلْحَقُهُ بِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَا قَوَدَ فِي عَظْمٍ إلَّا السِّنَّ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السِّنَّ عَظْمٌ وَاخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ فِي السِّنِّ هَلْ هُوَ عَظْمٌ أَوْ طَرَفُ عَصَبٍ يَابِسٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ فَتُقْلَعُ سِنُّ الضَّارِبِ إنْ قُلِعَتْ سِنُّ الْمَضْرُوبِ) أَطْلَقَهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ قِصَاصِ السِّنِّ فَفِي الْخَانِيَّةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُؤْخَذُ سِنُّهُ بِالْمِبْرَدِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى اللَّحْمِ وَيَسْقُطُ مَا سِوَاهُ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ لَا يَقْلَعُ سِنَّهُ قِصَاصًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ فَرُبَّمَا تَفْسُدُ لَهَاتُهُ وَلَكِنْ يُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ إلَى مَوْضِعِ أَصْلِ السِّنِّ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يُقْلَعُ سِنُّ الْقَالِعِ وَلَكِنْ يُبْرَدُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى اللَّحْمِ وَيَسْقُطَ مَا سِوَاهُ وَلَوْ نُزِعَ جَازَ وَالْبَرْدُ احْتِيَاطٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِ اللَّحْمِ اهـ.

وَلَا يَنْتَظِرُ حَوْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَتُبْرَدُ إنْ كُسِرَتْ) هَذَا إنْ لَمْ يَسْوَدَّ الْبَاقِي وَإِنْ اسْوَدَّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فَإِنْ طَلَبَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَ قَدْرِ الْمَكْسُورِ وَتَرَكَ مَا اسْوَدَّ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا كَسَرَ السِّنَّ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَفِي كَسْرِ بَعْضِ السِّنِّ إنَّمَا يُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ إنْ كُسِرَ عَنْ مَرَضٍ أَمَّا لَوْ عَنْ طُولٍ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ اهـ.

(قَوْله وَلَا قَوَدَ فِي طَرَفَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَجِبُ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ حَالًّا (قَوْلُهُ وَلَا قَوَدَ فِي لِسَانٍ وَذَكَرٍ. . . إلَخْ) كَذَا لَا قَوَدَ بِقَطْعِ بَعْضِ الشَّفَةِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ وَإِنْ اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ يُقْتَصُّ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْأَصْلِ يُقْتَصُّ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ قَالَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَيْ أَبِي يُوسُفَ مَا بَيَّنَّا اهـ لَكِنْ بِلُزُومِ الْقِصَاصِ جَزَمَ قَاضِي خَانْ فَإِنَّهُ قَالَ وَفِي قَطْعِ الذَّكَرِ مِنْ الْأَصْلِ عَمْدًا قِصَاصٌ وَإِنْ قُطِعَ مِنْ وَسَطِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَهَذَا فِي ذَكَرِ الْفَحْلِ فَأَمَّا فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي ذَكَرِ الْمَوْلُودِ إنْ تَحَرَّكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَمْدًا وَالدِّيَةُ إنْ خَطَأً وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ اهـ مِنْ غَيْرِ إسْنَادِ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بَلْ جَعْلُهُ حُكْمًا مُطْلَقًا عَنْ الرِّوَايَةِ وَقَدْ نَقَلَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْإِمَامِ مِثْلَ أَبِي يُوسُفَ وَنَصُّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ الْحَشَفَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُسَاوَاةِ إذْ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَأَشْبَهَ الْيَدَ مِنْ الْكُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَدُ الشَّلَّاءُ يُنْتَفَعُ بِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا فَلَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلْقِصَاصِ فَلَهُ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>