للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ قَتَلَهُ أَخَذَ) أَيْ الْقَاطِعُ (بِهِمَا) أَيْ بِمُوجِبِ قَطْعِهِ وَقَتْلِهِ (فِي عَمْدَيْنِ وَمُخْتَلِفَيْنِ) بِأَنْ قَطَعَ عَمْدًا وَقَتَلَ خَطَأً أَوْ عُكِسَ (بَرِئَ بَيْنَهُمَا أَوْ لَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَمْدَيْنِ وَالْمُخْتَلِفِينَ أَمَّا فِي الْعَمْدَيْنِ فَإِنْ بَرِئَ بَيْنَهُمَا يُقْتَصُّ بِالْقَطْعِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فَكَذَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ الْمِثْلُ صُورَةً وَمَعْنًى وَعِنْدَهُمَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ فَيَدْخُلُ جَزَاءُ الْقَطْعِ فِي جَزَاءِ الْقَتْلِ وَأَمَّا فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا قَطَعَ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَ خَطَأً يُقْتَصُّ لِلْقَطْعِ وَيُؤْخَذُ دِيَةُ النَّفْسِ وَفِي عَكْسِهِ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ لِلْقَطْعِ وَيُقْتَصُّ لِلْقَتْلِ لِاخْتِلَافِ الْجِنَايَتَيْنِ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا عَمْدًا وَالْآخَرِ خَطَأً.

(وَ) أَخَذَ بِهِمَا أَيْضًا (فِي خَطَأَيْنِ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ) أَيْ يَجِبُ دِيَةُ الْقَطْعِ وَدِيَةُ الْقَتْلِ.

(وَ) أَخَذَ (بِدِيَةٍ) وَاحِدَةٍ (فِي خَطَأَيْنِ) أَيْ خَطَأِ الْقَطْعِ وَخَطَأِ الْقَتْلِ (لَا بُرْءَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ دِيَةَ الْقَطْعِ إنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ اسْتِحْكَامِ أَثَرِ الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ عَدَمَ السِّرَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ عَمْدَيْنِ لَا بُرْءَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدِّيَةَ مِثْلٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ فَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ مِثْلٌ مَعْقُولٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَتْلَ إمَّا عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ وَالْقَطْعُ كَذَلِكَ صَارَ أَرْبَعَةً ثُمَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا بُرْءٌ أَوْ لَا صَارَ ثَمَانِيَةً وَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (كَمَا فِي ضَرْبِ مِائَةِ سَوْطٍ بَرِئَ مِنْ تِسْعِينَ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ وَمَاتَ مِنْ عَشْرَةٍ) حَيْثُ يُكْتَفَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَمَّا بَرِئَ مِنْ تِسْعِينَ لَمْ تَبْقَ مُعْتَبَرَةً إلَّا فِي حَقِّ التَّعْزِيرِ وَكَذَا كُلُّ جِرَاحَةٍ انْدَمَلَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي مِثْلِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَوْدِيَةِ (وَإِنْ بَقِيَ) أَيْ الْأَثَرُ (وَجَبَ حُكُومَةُ عَدْلٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي الدِّيَاتِ (وَدِيَةٌ) لِلْقَتْلِ

(عَفَا الْمَقْطُوعُ عَنْ الْقَاطِعِ فَمَاتَ مِنْهُ ضَمِنَ الدِّيَةَ) يَعْنِي رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَعَفَا الْمَقْطُوعُ عَنْ الْقَاطِعِ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ فَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ (وَلَوْ) عَفَا (عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهُ أَيْضًا أَوْ عَنْ الْجِنَايَةِ فَهُوَ عَفْوٌ عَنْ النَّفْسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ (فَالْخَطَأُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْعَمْدُ مِنْ الْكُلِّ) يَعْنِي إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَقَدْ عَفَا عَنْهَا فَهُوَ عَفْوٌ عَنْ الدِّيَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مَالٌ فَحَقُّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْعَفْوُ وَصِيَّةٌ فَيَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا الْعَمْدُ فَمُوجِبُهُ قَوَدٌ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ فَيَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ عَلَى الْكَمَالِ هَذَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا الْعَفْوُ عَنْ الْقَطْعِ عَفْوٌ عَنْ النَّفْسِ أَيْضًا (كَذَا الشَّجَّةُ) يَعْنِي أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الشَّجَّةِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقَطْعِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا عَفْوٌ عَنْ النَّفْسِ أَيْضًا

(قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَنَكَحَهَا عَلَى يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَعَلَيْهَا دِيَةٌ فِي مَالِهَا وَعَلَى عَاقِلَتِهَا لَوْ خَطَأً) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْيَدِ أَوْ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ عَفْوًا عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهُ فَكَذَا التَّزَوُّجُ عَلَى الْيَدِ أَوْ الْقَطْعُ لَا يَكُونُ تَزَوُّجًا عَلَى مَا يَحْدُثُ مِنْهُ عِنْدَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا كَأَنْ تَزَوَّجَا عَلَى الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ هُوَ لَيْسَ بِمَالٍ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِيفَاءِ وَعَلَى تَقْدِيرِ السُّقُوطِ كَالْمُتَمَحِّضِ فَلَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الطَّرَفِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَزَوُّجُهَا عَلَيْهِ قُلْنَا الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ لِلْعَمْدِ الْقِصَاصُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَإِنَّمَا سَقَطَ لِلتَّعَذُّرِ ثُمَّ تَجِبُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ وَإِنْ تَضَمَّنَ مِنْ الْعَفْوِ لَكِنْ عَنْ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ فَإِذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَتْلٌ وَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَفْوُ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْ النَّفْسِ وَهِيَ فِي مَالِهَا لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ الْأَثَرُ) يَعْنِي أَثَرَ التِّسْعِينَ سَوْطًا الَّتِي بَرِيءَ مِنْهَا وَجَبَ حُكُومَةُ عَدْلٍ فِيهَا مَعَ دِيَةٍ كَامِلَةٍ لِلنَّفْسِ لِلْقَتْلِ بِالْعَشَرَةِ الْمُكَمِّلَةِ لِلْمِائَةِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ يَعْنِي قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَالْخَطَأُ كَالْعَمْدِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَالْخَطَأُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْعَمْدُ مِنْ الْكُلِّ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ جِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ قَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَكَذَا الْخَطَأُ لَوْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>