أَيْ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْمَالُ وَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْمِيرَاثُ وَكَذَا الدَّيْنُ إذَا أَقَامَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَيِّنَةً أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَحَضَرَ أَخُوهُ لَا يُعِيدُهَا (بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عَلَى عَفْوِ الْغَائِبِ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ) أَيْ إذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا وَبَعْضُهُمْ حَاضِرًا فَأَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ سُقُوطَ حَقِّهِ فِي الْقَوَدِ وَانْتِقَالَهُ إلَى الْمَالِ فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ صَارَ الْغَائِبُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ (كَذَا لَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ) يَعْنِي إذَا قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْقَاتِلُ عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ إنْ أَثْبَتَ لِمَا ذُكِرَ
(أُخْبِرَ وَلِيَّانِ بِعَفْوِ شَرِيكِهِمَا فَهُوَ عَفْوٌ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمَا) يَعْنِي أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَمْدًا وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلِيَاءَ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِمَا أَنَّهُ قَدْ عَفَا فَإِنَّ إخْبَارَهُمَا عَفْوٌ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ صَدَّقَهُمَا) أَيْ الْمُخْبِرَيْنِ (الْقَاتِلُ وَالشَّرِيكُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ أَبْطَلَ نَصِيبَهُ (وَلَهُمَا ثُلُثَا الدِّيَةِ) لِأَنَّ نَصِيبَهُمَا صَارَ مَالًا وَالثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَذَّبَاهُمَا) أَيْ كَذَّبَ الْقَاتِلُ وَالشَّرِيكُ الْمُخْبِرَيْنِ (فَلَا شَيْءَ لِلْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّهُمَا بِإِخْبَارِهِمَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا فِي الْقِصَاصِ فَانْقَلَبَ مَالًا وَلَا مَالَ لَهُمَا لِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ وَالشَّرِيكِ (وَلِشَرِيكِهِمَا ثُلُثُهَا) لِأَنَّ حَقَّ الْمُخْبِرَيْنِ لَمَّا سَقَطَ فِي الْقِصَاصِ سَقَطَ حَقُّ شَرِيكِهِمَا فِيهِ لِعَدَمِ تَجَزِّيهِ وَانْتَقَلَ إلَى الْمَالِ وَسَقَطَ حَقُّهُمَا فِي الْمَالِ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ فَبَقِيَ حِصَّةُ شَرِيكِهِمَا وَهِيَ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْقَاتِلُ وَحْدَهُ) أَيْ وَكَذَّبَهُمَا الشَّرِيكُ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُمَا أَقَرَّ لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَلَزِمَ وَادَّعَى بُطْلَانَ حَقِّ الشَّرِيكِ فَلَمْ يُصَدَّقْ فَتَحَوَّلَ مَالًا وَغَرِمَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ أَثْلَاثًا وَالرَّابِعُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا) أَعْنِي الْمُخْبِرَيْنِ (الشَّرِيكُ فَقَطْ) أَيْ كَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ (فَلَهُ) أَيْ لَلشَّرِيكِ (ثُلُثُهَا) أَيْ يَغْرَمُ الْقَاتِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَهُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ (وَيَصْرِفُ إلَى الْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّ زَعْمَ الشَّرِيكِ أَنَّهُ عَفَا لِتَصْدِيقِهِ الْمُخْبِرَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَهُمَا عَلَى الْقَاتِلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَمَا فِي يَدِهِ وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ مَالُ الْقَاتِلِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمَا فَيُصْرَفُ إلَيْهِمَا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا الْمَالَ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْقَاتِلُ يُنْكِرُ فَلَمْ يَثْبُتْ وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ لِلشَّرِيكِ قَدْ بَطَلَ بِتَكْذِيبِهِ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَاتِلَ بِتَكْذِيبِهِ الْمُخْبِرَيْنِ قَدْ أَقَرَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِإِخْبَارِهِمَا بِالْعَفْوِ كَابْتِدَاءِ الْعَفْوِ مِنْهُمَا وَالْمُقَرُّ لَهُ مَا كَذَّبَ الْقَاتِلَ حَقِيقَةً بَلْ أَضَافَ الْوُجُوبَ إلَى غَيْرِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ الْإِقْرَارُ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي كَذَا هُنَا
(اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْقَتْلِ فِي زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ آلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِعَصَا وَالْآخَرُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ (أَوْ قَالَ شَاهِدٌ قَتَلَهُ بِعَصَا، وَ) قَالَ (الْآخَرُ جَهِلْت آلَةَ قَتْلِهِ لَغَتْ) أَيْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ الْقَتْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ وَتَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا وَالْمُطْلَقُ يُغَايِرُ الْمُقَيَّدَ فَكَانَ عَلَى كُلِّ قَتْلٍ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَرُدَّتْ (شَهِدَا بِقَتْلِهِ وَقَالَا جَهِلْنَا آلَتَهُ وَجَبَ الدِّيَةُ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَجَهِلَ الْمَشْهُودَ بِهِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ وَالْمُطْلَقُ لَيْسَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَخْبَرَ وَلِيَّانِ بِعَفْوٍ. . . إلَخْ) فَسَّرَ الْإِخْبَارَ بِالشَّهَادَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِثُبُوتِ عَفْوِهِمَا بَيْنَ كَوْنِ الْإِخْبَارِ مُجَرَّدًا عَنْ الدَّعْوَى مِنْ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ الثَّالِثِ وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ صَدَرَ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ الْقَاتِلِ فَيَكُونُ شَهَادَةً فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَلْزِمٌ لِعَفْوِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِاخْتِلَافِ الْحَالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الشَّرِيكُ فَقَطْ فَلَهُ ثُلُثُهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الثُّلُثُ وَهُوَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْقَاتِلِ شَيْئًا بِدَعْوَاهُ الْعَفْوَ قُلْت ارْتَدَّ إقْرَارُهُ بِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ إيَّاهُ فَوَجَبَ لَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَيُصْرَفُ إلَى الْمُخْبِرِينَ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي يَدِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ) أَيْ الْقَاتِلُ
(قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَى كُلِّ قَتْلٍ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَرُدَّتْ) كَذَا لَوْ كَمَّلَ النِّصَابَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَيَقُّنِ الْقَاضِي بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَمَّلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ يُقْبَلُ الْكَامِلُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute