للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْإِمَامُ (لَا إنْ أَذِنَ أَوْ مَاتَ وَاقِعٌ فِي بِئْرِ طَرِيقٍ جُوعًا أَوْ غُمًّا) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْكُرْبَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا اخْتِنَاقٌ مِنْ هَوَاءِ الْبِئْرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ مَاتَ غُمًّا يَجِبُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْغُمَّ بِسَبَبِ الْوُقُوعِ

(نَحَّى حَجَرًا وَضَعَهُ آخَرُ) فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ ضَمِنَ الْمُنَحِّي لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ انْتَسَخَ بِفِعْلِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ (كَمَنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ) شَيْءٌ مِنْهُمَا عَلَى آخَرَ فَتَلِفَ بِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ أَدْخَلَ حَصِيرًا أَوْ قِنْدِيلًا أَوْ حَصَاةً فِي مَسْجِدِ غَيْرِهِ) فَسَقَطَ شَيْءٌ مِنْهَا فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ قَيَّدَ بِمَسْجِدِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَسْجِدُ حَيِّهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ لِأَهْلِهِ لَا غَيْرِهِمْ كَنَصْبِ الْإِمَامِ وَاخْتِيَارِ الْمُتَوَلِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَانَ فِعْلُهُمْ مُبَاحًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَفِعْلُ غَيْرِهِمْ تَعَدِّيًا أَوْ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ (أَوْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ) سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدَ حَيِّهِ أَوْ مَسْجِدَ غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ مُصَلٍّ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ) بِأَنْ سَقَطَ عَلَيْهِ أَعْمَى فَتَلِفَ يَضْمَنُ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُصَلٍّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُصَلِّيًا سَوَاءٌ صَلَّى الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إنَّمَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا سَوَاءٌ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَامَ فِيهِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ ضَمِنَ (لَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ (مَنْ سَقَطَ مِنْهُ رِدَاءٌ لَبِسَهُ) عَلَى إنْسَانٍ فَعَطِبَ بِهِ قَيَّدَ بِاللُّبْسِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَامِلًا لَهُ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَعَطِبَ بِهِ أَوْ سَقَطَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَامِلَ الشَّيْءِ يَقْصِدُ حِفْظَهُ فَلَا حَرَجَ فِي التَّقْيِيدِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ اللَّابِسِ فَلَوْ قُيِّدَ بِمَا ذُكِرَ لَزِمَ الْحَرَجُ فَجُعِلَ مُبَاحًا مُطْلَقًا

(وَضَمِنَ ذُو حَائِطٍ مَالَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَطَلَبَ نَقْضَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ) رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حُرٌّ أَوْ مُكَاتَبٌ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ شُرَكَاءُ وَطَرِيقُ الطَّلَبِ أَنْ يَقُولَ إنِّي تَقَدَّمْت إلَى هَذَا الرَّجُلِ لِهَدْمِ حَائِطِهِ وَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِشْهَادِ وَذَكَرَهُ فِي الْكُتُبِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِثْبَاتِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ (مِمَّنْ) مُتَعَلِّقٌ بِطَلَبَ (يَمْلِكُهُ) أَيْ النَّقْضَ (كَالرَّاهِنِ) لِلْحَائِطِ فَإِنَّهُ (يَمْلِكُهُ بِفَكِّهِ) أَيْ بِفَكِّ الرَّهْنِ وَإِرْجَاعِ الْمَرْهُونِ إلَى يَدِهِ (وَأَبُ الطِّفْلِ وَالْوَصِيُّ) فَإِنَّ لَهُمَا وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ (وَالْمُكَاتَبُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ يَدًا فَوِلَايَةُ النَّقْضِ لَهُ (وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ) وَلَوْ مَدْيُونًا لِأَنَّ وِلَايَةَ النَّقْضِ لَهُ ثُمَّ مَا تَلِفَ بِالسُّقُوطِ إنْ كَانَ مَالًا فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ نَفْسًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى لَوْ لَهُ عَاقِلَةٌ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ مِنْ وَجْهٍ عَلَى الْمَوْلَى وَضَمَانُ الْمَالِ أَلْيَقُ بِالْعَبْدِ وَضَمَانُ النَّفْسِ بِالْمَوْلَى (فَلَمْ يَنْقُضْ) مَنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ لَا إنْ أَذِنَ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ وَاقِعٌ فِي بِئْرِ طَرِيقٍ جُوعًا وَقَيَّدَ بِالْجُوعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْعَطَشِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ بَلْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِي الْبِئْرِ عَطَشًا (قَوْلُهُ أَوْ غُمًّا بِضَمِّ الْغَيْنِ الْكُرْبَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ النَّفَسُ مَأْخُوذًا مِنْ الْحُرِّ نَصَبَهُ عَلَى الْحَالِيَّةِ أَوْ التَّمْيِيزِ أَوْ مَفْعُولٍ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. . . إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُ يَضْمَنُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ) يَعْنِي أَوْ مَالٌ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى آخَرَ فَتَلِفَ بِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) وَكَذَا لَوْ تَعَثَّرَ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ أَدْخَلَ حَصِيرًا أَوْ قِنْدِيلًا. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَعَلَّقَ الْقِنْدِيلَ لِلْإِضَاءَةِ أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ لِلْحِفْظِ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ أَوْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مُصَلٍّ. . . إلَخْ)

قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْجَالِسُ مَشْغُولًا بِعَمَلٍ لَا يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ كَدَرْسِ الْفِقْهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا أَوْ كَانَ جَالِسًا لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَإِنْ جَلَسَ فِيهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ ضَمِنَ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا لَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ كَانَ جَالِسًا لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَامَ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مَرَّ فِيهِ أَوْ قَعَدَ فِيهِ لِلْحَدِيثِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ مِنْ ضَرُورَاتِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهَا لِأَنَّ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً لِشَيْءٍ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا. . . إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبُرْهَانِ الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ وَطَلَبَ نَقْضَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ. . . إلَخْ) يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الطَّلَبِ فَخَرَجَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِمَا فَكَذَا بِحَقِّ الْعَامَّةِ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُمَا فِي الْخُصُومَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ إنْ تَلِفَ حَالَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِتَعَذُّرِ الدَّفْعِ وَبَعْدَ عِتْقِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى وَبَعْدَ الْعَجْزِ لَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُكَاتَبِ وَعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>