للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحْسَنَ هَذَا اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك وَخُصَّ الْفَجْرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى فِي حَالِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ فَخُصَّ بِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ كَمَا خُصَّ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ (كَذَا) أَيْ كَالْأَذَانِ (الْإِقَامَةُ) فِي عَدَدِ الْكَلِمَاتِ لَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَكُونُ (بِلَا وَضْعٍ) لِأُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ (وَ) تَكُونُ (بِحَدْرٍ) وَهُوَ الْإِسْرَاعُ ضِدُّ التَّرَسُّلِ (وَبِزِيَادَةِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَ فَلَاحِهَا) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ (مَرَّتَيْنِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِلَا الْتِفَاتٍ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَفُهِمَ عَدَمُ جَوَازِهِ أَصْلًا، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ لَا يُحَوِّلُ فِي الْإِقَامَةِ إلَّا لِأُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ (وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (الْقِبْلَةَ وَلَا يَتَكَلَّمُ) فِي أَثْنَائِهِمَا (وَيُثَوِّبُ) التَّثْوِيبُ الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ وَتَثْوِيبُ كُلِّ بَلْدَةٍ عَلَى مُتَعَارَفِ أَهْلِهَا (وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (إلَّا فِي الْمَغْرِبِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيُثَوِّبُ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ التَّثْوِيبَ لِإِعْلَامِ الْجَمَاعَةِ وَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ حَاضِرُونَ لِضِيقِ وَقْتِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ مَكْرُوهٌ فَيُكْتَفَى بِأَدْنَى الْفَصْلِ احْتِرَازًا عَنْهُ (وَيَأْتِي) الْمُصَلِّي (بِهِمَا) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (لِفَائِتَةٍ) وَاحِدَةٍ (وَأُولَى الْفَوَائِتِ وَخُيِّرَ فِيهِ) أَيْ الْأَذَانِ (لِلْبَاقِي) مِنْ الْفَوَائِتِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ فِي الْإِقَامَةِ بَلْ يَأْتِي بِهَا فِي الْكُلِّ.

(جَازَ) أَيْ الْأَذَانُ (لِلْحَدَثِ وَالصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ وَالْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ وَكُرِهَ لِلْجُنُبِ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ) أَيْ مَنْ يُؤَذِّنُ قَاعِدًا (إلَّا) أَنْ يُؤَذِّنَ (لِنَفْسِهِ) مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْأَذَانِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِعْلَامِ (وَيُعَادُ لِغَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ) وَهُمَا الْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ (كَذَا) أَيْ كَمَا كُرِهَ أَذَانُ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورِينَ (كُرِهَ إقَامَتُهُمْ وَإِقَامَةُ الْمُحْدِثِ لَكِنْ لَا تُعَادُ) إقَامَتُهُمْ لِعَدَمِ شَرْعِيَّةِ تَكْرَارِ الْإِقَامَةِ.

(وَيَأْتِي بِهِمَا) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (الْمُسَافِرُ وَالْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً وَفِي بَيْتِهِ بِمِصْرٍ وَكُرِهَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْمُسَافِرِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ كَمَا خُصَّ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَإِلَّا فَالتَّطْوِيلُ فِي ذَاتِهِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الظُّهْرُ.

(قَوْلُهُ وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا الْقِبْلَةَ) أَيْ بِهِمَا لِحَدِيثِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكُرِهَ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ سُنِّيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ مَا إذَا أَذَّنَ رَاكِبًا فَإِنَّهُ لَا يُسَنُّ الِاسْتِقْبَالُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَاشِيًا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي أَثْنَائِهِمَا) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ كُلَّ كَلَامٍ فَلَا يَحْمَدُ لَوْ عَطَسَ هُوَ وَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ لَا بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ فِي نَفْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَأْنَفَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ خَمْسُ خِصَالٍ لَوْ وُجِدَ أَحَدُهَا فِي الْأَذَانِ أَوْ فِي الْإِقَامَةِ يُوجَبُ الِاسْتِقْبَالُ إذَا غُشِيَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَوْ الْمُقِيمِ أَوْ مَاتَ أَوْ ذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ أَوْ حُصِرَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُلَقِّنُهُ أَوْ خَرِسَ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الثُّبُوتُ لَا حَقِيقَةُ الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ وَيُثَوِّبُ) أَقُولُ وَيَكُونُ الْمُثَوِّبُ هُوَ الْمُؤَذِّنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْجَاهِ حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ سِوَى الْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْضَالٌ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَيُكْرَهُ وَصْلُهَا بِهِ وَلَمْ يُقَدَّرْ الْفَصْلُ بِشَيْءٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ بِقَدْرِ مَا يَحْضُرُ الْقَوْمُ الْمُلَازِمُونَ لِلصَّلَاةِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ، وَالْفَصْلُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِسَكْتَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ فِي رِوَايَةٍ أَوْ يَخْطُو ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ فِي أُخْرَى، وَقَالَا يُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بِجِلْسَةٍ حَفِيفَةٍ قَدْرَ الْجِلْسَةِ فِي الْخُطْبَةِ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ. . . إلَخْ) جَعَلَ عِلَّةَ اسْتِثْنَاءِ التَّثْوِيبِ فِي الْمَغْرِبِ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ عَمَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ فَيُكْتَفَى بِأَدْنَى الْفَصْلِ) احْتِرَازًا عَنْهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى أَدْنَاهُ مَكْرُوهَةٌ.

وَفِي الْهِدَايَةِ مَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْمَغْرِبِ قَدْرَ أَدَاءِ رَكْعَتَيْنِ مَكْرُوهٌ.

وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ اسْتِثْنَاءَ التَّأْخِيرِ الْقَلِيلِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِهِمَا إذَا تَوَسَّطَ فِيهِمَا لِيَتَّفِقَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِهِمَا لِفَائِتَةٍ) أَقُولُ إلَّا لِلظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ فَإِنَّ أَدَاءَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مَكْرُوهٌ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَهُ: وَإِلَّا مَا تُؤَدِّيهِ النِّسَاءُ أَوْ تَقْضِيهِ بِجَمَاعَتِهِنَّ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَمَّتْهُنَّ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ حِينَ كَانَتْ جَمَاعَتُهُنَّ مَشْرُوعَةً وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَةَ أَيْضًا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمَا لَمَّا كَانَ هُوَ السُّنَّةَ حَالَ شَرْعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ كَانَ حَالُ الْإِفْرَادِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. . وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهُ.

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِيهِ لِلْبَاقِي) يَعْنِي إنْ اتَّحَدَ مَجْلِسُ الْقَضَاءِ وَأَلَّا يَأْتِي بِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِهِمَا الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً) يَعْنِي بِهِ مَسْجِدًا عَلَى الطَّرِيقِ مُطْلَقًا أَوْ فِي مَحَلَّةٍ وَلَمْ يُفْعَلَا فِيهِ قَبْلُ لِمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ أُذِّنَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ وَصَلَّوْا يُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يُؤَذِّنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>