للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ الرَّأْسِ) حَتَّى لَوْ تَرَكَتْ سَتْرَ الرَّأْسِ جَازَتْ صَلَاتُهَا إذْ لَيْسَ لِمَا دُونِ الرُّبْعِ حُكْمُ الْكُلِّ وَلَكِنَّ السَّتْرَ أَوْلَى تَقْلِيلًا لِلِانْكِشَافِ (عَادِمُ مُزِيلِ النَّجَسِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ مَكَانِهِ (يُصَلِّي) مَعَ النَّجَسِ (وَلَا يُعِيدُ) الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ.

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الشُّرُوطِ (سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ (لِلرَّجُلِ مَا تَحْتَ سُرَّتِهِ) فَالسُّرَّةُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ (إلَى تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ) فَالرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ (وَنَحْوُهُ الْأَمَةُ) أَيْ مَا يَكُونُ عَوْرَةً مِنْ الرَّجُلِ يَكُونُ عَوْرَةً مِنْ الْأَمَةِ (مَعَ ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا) فَإِنَّهُمَا فِي الرَّجُلِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ وَفِيهَا عَوْرَةٌ (وَنَحْوُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) فِي كَوْنِ ظَهْرِهِنَّ وَبَطْنِهِنَّ أَيْضًا عَوْرَةً (الْحُرَّةُ) أَيْ جَمِيعُ أَعْضَائِهَا (عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا) فَإِنَّهَا لَا تَجِدُ بُدًّا مِنْ مُزَاوَلَةِ الْأَشْيَاءِ بِيَدَيْهَا وَفِي كَفَّيْهَا زِيَادَةٌ ضَرُورَةً وَمِنْ الْحَاجَةِ إلَى كَشْفِ وَجْهِهَا خُصُوصًا فِي الشَّهَادَةِ وَالْمُحَاكَمَةِ وَالنِّكَاحِ وَتَضْطَرُّ إلَى الْمَشْيِ فِي الطُّرُقَاتِ وَظُهُورُ قَدَمَيْهَا خُصُوصًا الْفَقِيرَاتِ مِنْهُنَّ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى عَلَى مَا قَالُوا {إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ وَالْجِبِلَّةُ عَلَى ظُهُورِهِ وَيُرْوَى أَنَّ الْقَدَمَ عَوْرَةٌ (يُفْسِدُ) الصَّلَاةَ (كَشْفُ رُبْعِ عُضْوٍ هُوَ عَوْرَةٌ غَلِيظَةٌ كَالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ أَوْ خَفِيفَةٌ كَمَا عَدَاهُمَا) مِنْ الْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُفْسِدُهَا كَشْفُ نِصْفِهِ، ذَكَرَ الْعَوْرَتَيْنِ إشَارَةً إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْكَشْفِ الْمَانِعِ أَنَّهُ مِقْدَارُ الرُّبْعِ أَوْ النِّصْفِ (وَكُلٌّ مِنْ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ) احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ بَعْضُهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ عُضْوٌ وَاحِدٌ (وَرَأْسُهَا وَشَعْرُهُ) أَيْ شَعْرُ رَأْسِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ النَّازِلُ وَغَيْرُهُ (وَأُذُنُهَا وَثَدْيُهَا الْمُتَدَلِّي) احْتِرَازٌ عَنْ النَّاهِضِ فَإِنَّهُ تَابِعُ لِلصَّدْرِ (عُضْوٌ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَكُلٌّ (انْكَشَفَتْ) الْعَوْرَةُ (أَوْ قَامَ) الْمُصَلِّي (عَلَى نَجِسٍ مَانِعٌ) مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ (أَوْ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ عَادِمُ مُزِيلِ النَّجَسِ. . . إلَخْ) أَقُولُ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُقَلِّلُهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ بِخِلَافِ مَا يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَيْثُ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ مَعَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ سُمِّيَتْ عَوْرَةً لِقُبْحِ ظُهُورِهَا لِغَضِّ الْأَبْصَارِ عَنْهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَوَرِ وَهُوَ النَّقْصُ وَالْعَيْبُ وَالْقُبْحُ وَمِنْهُ عَوَرُ الْعَيْنِ وَالْكَلِمَةُ الْعَوْرَاءُ الْقَبِيحَةُ، وَحَدُّ السَّتْرِ أَنْ لَا يُرَى مَا تَحْتَ السَّاتِرِ حَتَّى لَوْ كَانَ يَصِفُهُ لَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَ السَّتْرَ فَشَمِلَ مَا لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ وَيَأْثَمُ مَعَ وُجْدَانِ غَيْرِهِ وَلُزُومَ السَّتْرِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا بِبَيْتٍ مُظْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ السَّاتِرُ لَا يَحْجُبُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَتَارِكُهُ يَرَاهُ سُبْحَانَهُ عَادِمَ الْأَدَبِ وَاللَّازِمُ سَتْرُ جَوَانِبِ الْعَوْرَةِ وَأَعْلَاهَا عَنْ غَيْرِهِ لَا عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ رَآهَا مِنْ زِيقِهِ أَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَرَاهَا فَإِنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِمْكَانُ رُؤْيَتِهَا مِنْ أَسْفَلَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْمُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ فِي قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَعِمَامَةٍ وَتُكْرَهُ فِي السَّرَاوِيلِ مُنْفَرِدَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ مَعَ ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا) أَقُولُ وَالْجَنْبُ تَبَعٌ لِلْبَطْنِ وَالْبَطْنُ مَا لَانَ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَالظَّهْرُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُؤَخَّرِ.

(قَوْلُهُ وَكَفَّيْهَا) عَبَّرَ بِالْكَفِّ دُونَ الْيَدِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمُحِيطِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْبَاطِنِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي مُخْتَلِفَاتِ قَاضِي خَانْ ظَاهِرُ الْكَفِّ وَبَاطِنُهُ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ إلَى الرُّسْغِ وَرَجَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. . . إلَخْ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ. وَأَمَّا الذِّرَاعُ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى كَشْفِهِ لِلْخِدْمَةِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ السِّوَارُ، وَصَحَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ عَوْرَةٌ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا خَارِجَهَا وَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدَمَيْهَا) هَذَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ وَيُرْوَى أَنَّ الْقَدَمَ عَوْرَةٌ) أَقُولُ صَحَّحَهُ الْأَقْطَعُ وَقَاضِي خَانْ وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ والمرغيناني وَصَحَّحَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ خَارِجِهَا وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ كَوْنَهُ عَوْرَةً مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَدَمَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْعَوْرَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ) بِلَا ضَمٍّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَلْيَتَيْنِ عَوْرَةٌ وَالدُّبْرُ ثَالِثُهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةٍ لِابْنِ الشِّحْنَةِ قَوْلُهُ: أَيْ النَّازِلُ وَغَيْرُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ لَكِنْ قَالَ قَاضِي خَانْ انْكَشَفَ رُبْعٌ مِنْ شَعْرِ الْمَرْأَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي إفْسَادِ الصَّلَاةِ انْكِشَافُ مَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ لَا مَا تَحْتَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي حُرْمَةِ النَّظَرِ سَوَّى مَا بَيْنَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكْبَةِ، وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْفَخِذِ؛ لِأَنَّهَا مُلْتَقَى الْعَظْمَاتِ لَا عُضْوٌ مُسْتَقِلٌّ، وَكَعْبُ الْمَرْأَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى. اهـ.

(قَوْلُهُ انْكَشَفَتْ الْعَوْرَةُ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَانِعُ مِنْهَا، وَإِنْ وَقَعَ الِانْكِشَافُ عَلَى مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْعَوْرَةِ يُجْمَعُ فَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ أَدْنَى عُضْوٍ مِنْهَا مَنَعَ جَوَازَ الصَّلَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْأَدْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْقَلِيلَ يَمْنَعُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ الْمُنْكَشِفِ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَ نِصْفُ ثُمُنِ الْفَخِذِ مَثَلًا وَنِصْفُ ثَمَنِ الْأُذُنِ يَبْلُغُ رُبْعَ الْأُذُنِ وَأَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ جَمِيعِ الْعَوْرَةِ الْمُنْكَشِفَةِ وَمِثْلُهُ نِصْفُ عُشْرِ كُلٍّ وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ اهـ.

وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ وَرَدَّهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الزِّيَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>