للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَلْ يُبَرْهِنُ) عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا مَرَّ (أَوْ يُحَلِّفُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى عَدَمِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ (وَإِنْ كَانَ) لَهُ شَاهِدٌ لَكِنْ (غَابَ شُهُودُهُ دَفَعَهُ) أَيْضًا الثَّمَنَ (إنْ حَلَفَ بَائِعُهُ) ؛ لِأَنَّ فِي الِانْتِظَارِ ضَرَرًا بِالْبَائِعِ وَلَيْسَ فِي الدَّفْعِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ رُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (وَلَزِمَ عَيْبُهُ إنْ نَكَلَ) لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي إلْزَامِ الْعَيْبِ قَدْ وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْهِدَايَةِ هَكَذَا إنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَادَّعَى عَيْبًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَوْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً، وَقَدْ تَكَلَّفُوا فِي تَوْجِيهِهَا مَا تَكَلَّفُوا وَالْحَقُّ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ، تَقْدِيرُهُ لَمْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَوْ يُقِيمَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً وَهَذِهِ فَائِدَةٌ أَفَادَهَا صَاحِبُ كَشْفِ الْكَشَّافِ فِي تَحْقِيقِ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨] أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا وَلَا عَمَلُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا (ادَّعَى إبَاقًا) يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ) حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ آبِقٌ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْبَائِعِ لَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَمَعْرِفَتُهُ تَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ (ثُمَّ) إذَا أَثْبَتَهُ (حَلَفَ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ التَّحْلِيفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ مُطَّرِدًا فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ إلَّا فِي دَعْوَى الْإِبَاقِ حَيْثُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ سَلِيمًا فَالِاسْتِحْلَافُ يَرْجِعُ إلَى مَا ضَمِنَ بِنَفْسِهِ وَيُقَالُ فِي التَّحْلِيفِ (بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ قَطُّ أَوْ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك مِنْ دَعْوَاهُ هَذِهِ أَوْ لَقَدْ سَلَّمْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ لَا) بِاَللَّهِ (مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ) فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْكُتُبِ لَكِنْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَاعَهُ، وَقَدْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَفِيهِ ذُهُولٌ عَنْهُ (وَلَا) بِاَللَّهِ (لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ (وَلَا) بِاَللَّهِ (لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَمَا بِهِ هَذَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ بَلْ يُبَرْهِنُ عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ) كَيْفِيَّةُ إثْبَاتِهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى وِجْدَانِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ يَحْلِفُ) صُورَةُ التَّحْلِيفِ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِنْدَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوًى صَحِيحَةٍ وَلَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ خَصْمٍ وَلَا يَصِيرُ خَصْمًا فِيهِ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ إبَاقِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ شُهُودُهُ دَفَعَهُ إنْ حَلَفَ بَائِعُهُ) يَعْنِي، وَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرْنَا وَغَابَ شُهُودُ قِيَامِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي إلْزَامِ الْعَيْبِ) قَيَّدَ بِإِلْزَامِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ التَّقْدِيرِيِّ. . . إلَخْ)

قَالَ شَيْخُ أُسْتَاذِي الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ " أَوْ " فِيهِ مِثْلَهَا فِي قَوْلِهِ كَسَرْت كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا يَلِيهَا لَا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَادَّعَى إبَاقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْبَائِعِ. اهـ. لِتَكُونَ الْخُصُومَةُ مُتَوَجِّهَةً بِدَعْوَى الْإِبَاقِ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لَعَلَّ صَوَابَهُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَى الظَّرْفِ لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاقِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ إبَاقًا فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ قِيَامَهُ فِي الْحَالِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ، أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ وُجُودِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْتِمَاسِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَنْكَرَ طُولِبَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْإِبَاقَ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَهَا رَدَّهُ وَإِلَّا حَلَفَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَيُقَالُ فِي التَّحْلِيفِ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ قَطُّ) هَذَا فِي دَعْوَى إبَاقِ الصَّغِيرِ لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ كَانَ الدَّعْوَى فِي إبَاقِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ مُذْ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ فِي الصَّغِيرِ يَزُولُ بِالْبُلُوغِ فَلَا يُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ اهـ.

وَفِي الْكَبِيرِ يَحْلِفُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاقِ فِي الْكَبِيرِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ، ثُمَّ طَرَأَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْحَلِفَ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ قَطُّ أَضْرَرْنَا بِهِ وَأَلْزَمْنَاهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ أَصْلًا أَضْرَرْنَا بِالْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْهُمْ الزَّيْلَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>