للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَأَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَالْمَغْصُوبِ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَمْ يَقُلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِ الْفَسْخِ وَاللَّامُ تُفِيدُ الْجَوَازَ (فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) دَفْعًا لِلْفَسَادِ (كَذَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (مَا دَامَ) أَيْ الْمَبِيعُ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) لَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَلِمَنْ لَهُ الشَّرْطُ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ زَائِدٍ لِمَا نَقَلَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ عَنْ التَّجْرِيدِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِحَقِّ الشَّرْعِ لَا لِحَقِّ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُمَا رَاضِيَانِ بِالْعَقْدِ.

(فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مَا قَبَضَهُ (أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَإِعْتَاقُهُ) لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِالتَّصَرُّفِ الثَّانِي وَفَسْخُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَانَ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُمَا لَازِمَانِ فَيَثْبُتُ عَجْزُهُ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إلَّا أَنَّ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ يَعُودُ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَفَكِّ الرَّهْنِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَحَوُّلِ الْحَقِّ إلَى الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ فِي فَسْخِ الْفَاسِدِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَرْعًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ.

(وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهِ زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيَنْظُرْهُ ثَمَّةَ (وَلَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ) أَيْ لَا يَأْخُذُ الْمَبِيعَ بَائِعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ (حَتَّى يَرُدَّ ثَمَنَهُ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُقَابَلٌ بِهِ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِهِ كَالرَّهْنِ (فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الْبَائِعُ (فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِمَا اشْتَرَاهُ (حَتَّى يَأْخُذَ ثَمَنَهُ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَغُرَمَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذْهَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً أَخَذَ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةً.

(طَابَ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ لَا الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ) صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَتَقَابَضَا فَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَيَطِيبُ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا فَيَتَمَكَّنُ الْخُبْثُ فِي الرِّبْحِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخُبْثُ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ.

وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قِيلَ: ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ فَهَذَا يُنَاقِضُ مَا قُلْتُمْ مِنْ عَدَمِ تَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قُلْنَا: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِهَذَا الْعَقْدِ شَبَهَيْنِ شَبَهَ الْغَصْبِ وَشَبَهَ الْبَيْعِ، فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً اُعْتُبِرَ شَبَهُ الْغَصْبِ سَعْيًا فِي رَفْعِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا يُعْتَبَرُ شَبَهُ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَسْرِيَ الْفَسَادُ إلَى بَدَلِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ أَقُولُ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ الْمُنْصِفِ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ دَلِيلًا لِلْمَسْأَلَةِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَرِدُ عَلَى الْهِدَايَةِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا مَرَّ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اعْلَمْ أَنَّ الْخُبْثَ فِي الْمَالِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ) فَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِ كَذَا يُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا يُعْتَبَرُ شَبَهُ الْبَيْعِ) بِشِرَائِهِ بِهَا وَهِيَ مَعْدُومَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ الْحَالِيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>