للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ الثَّمَنِ) الْمُسَمَّى (وَسَقَطَ خِيَارُهُ) لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اخْتِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي الْجُزْءُ الْفَائِتُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ.

(شَرَى ثَانِيًا بَعْدَ بَيْعِهِ بِرِبْحٍ فَإِنْ رَابَحَ) أَيْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً (طَرَحَ عَنْهُ مَا رَبِحَ) أَيْ كُلَّ رِبْحٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحُ الثَّمَنَ لَمْ يُرَابِحْ) صُورَتُهُ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِثَلَاثِينَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ وَبَاعَهُ بِأَرْبَعِينَ مُرَابَحَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَصْلًا لِأَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ بِالْوُقُوفِ عَلَى عَيْبٍ وَالشُّبْهَةُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ كَالْحَقِيقَةِ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلَ ثَالِثٌ بِأَنْ اشْتَرَى مِنْ مُشْتَرِي مُشْتَرِيهِ؛ لِأَنَّ التَّأَكُّدَ حَصَلَ بِغَيْرِهِ (يُرَابَحُ) أَيْ جَازَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً.

(سَيِّدٌ شَرَى مِنْ مَأْذُونِهِ الْمُحِيطِ دَيْنَهُ بِرَقَبَتِهِ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَبَاعَ مِنْ مَوْلَاهُ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَوْلَى شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَلَا مِلْكُ التَّصَرُّفِ (عَلَى مَا شَرَى الْمَأْذُونُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُرَابِحُ، صُورَتُهُ اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَبَاعَهُ مِنْ الْمَوْلَى بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَوْلَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ الْمَدْيُونُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِّهِ فَاعْتُبِرَ عَدَمًا فِي حَقِّ الْمُرَابَحَةِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الْأَمَانَةِ فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ لِلشِّرَاءِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَأَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهُ لِلْمَوْلَى بِعَشَرَةٍ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَيَبِيعُهُ لِلْمَوْلَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي، فَيُعْتَبَرُ الثَّمَنُ فِي الْأَوَّلِ.

. (وَ) يُرَابِحُ (رَبُّ الْمَالِ عَلَى مَا شَرَاهُ مُضَارِبُهُ بِالنِّصْفِ) مُتَعَلِّقُ بِ " مُضَارِبُهُ " (أَوَّلًا) مُتَعَلِّقٌ بَشَرَاهُ.

(وَ) عَلَى (نِصْفِ مَا رَبِحَ بِشِرَائِهِ ثَانِيًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُضَارِبِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِشِرَائِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةِ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفَ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَإِنْ قُضِيَ بِجَوَازِهِ عِنْدَنَا إذَا عُدِمَ الرِّبْحُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا بِيعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ (يُرَابِحُ بِلَا بَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ وَوَطْءِ الثَّيِّبِ) يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ (وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ) يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إذْ لَمْ يَحْتَبِسْ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا وَلِهَذَا قَالَ وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَيْبُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا نَفْسُ الْعَيْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ وَالثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ عِنْدَهُ (كَقَرْضِ الْفَأْرِ وَحَرْقِ النَّارِ لِلْمُشْتَرِي) فَإِنَّ مَا ضَاعَ بِالْقَرْضِ أَوْ الْحَرْقِ، وَإِنْ كَانَ جُزْءًا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالْعُذْرَةِ لَمْ يُحَبِّسْ عِنْدَهُ.

. (وَ) يُرَابَحُ (بِبَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ) بِأَنْ فَقَأَ عَيْنَهَا بِنَفْسِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحُ الثَّمَنَ لَمْ يُرَابِحْ) يَعْنِي بِلَا بَيَانٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، فَإِنْ بَيَّنَ وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ لِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى الْعِبَادِ لَا الشَّرْعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِبَيْعِهِ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: شَرَى مِنْ مَأْذُونِهِ. . . إلَخْ) كَذَا مِنْ مُكَاتَبِهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ بَلْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِصُنْعِهَا بِنَفْسِهَا لِأَنَّهُ هَدَرٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَمَا إذَا احْتَبَسَ بِفِعْلِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقَوْلُ زُفَرَ أَجْوَدُ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ الْكَمَالُ وَاخْتِيَارُ هَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْمُرَابَحَةِ عَلَى عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَعَدَمُ ذِكْرِ أَنَّهَا انْتَقَصَتْ إيهَامٌ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ كَانَ لَهَا نَاقِصَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُرَابِحُ بِبَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ) كَذَا لَوْ اشْتَرَى مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ مِنْ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَالزَّوْجَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالِ صَاحِبِهِ وَلِأَنَّهُ يُحَابِيهِمْ فَصَارَ كَالشِّرَاءِ مِنْ عَبْدِهِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ سَوَاءً عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا أَوْ مَمَالِيكُهُ اشْتَرَوْا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>