احْتِرَازًا عَنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُثَمَّنَةٍ بَلْ أَثْمَانٌ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا السَّلَمُ (وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَالْفَلْسِ وَاللَّبِنِ وَالْآجُرِّ بِمِلْبَنٍ مُعَيَّنٍ، وَالذَّرْعِيُّ كَالثَّوْبِ مُبَيِّنًا قَدْرَهُ) أَيْ طُولَهُ وَعَرْضَهُ (وَصِفَتَهُ) أَيْ غِلَظَهُ وَرِقَّتَهُ (وَوَزْنَهُ إنْ بِيعَ بِهِ) أَيْ بِالْوَزْنِ (فَصَحَّ فِي السَّمَكِ الْمَلِيحِ) أَيْ الْقَدِيدِ بِالْمِلْحِ يُقَالُ سَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَمْلُوحٌ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ (وَالطَّرِيُّ حَيْثُ يُوجَدُ) غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَنْقَطِعُ يَجُوزُ مُطْلَقًا (وَزْنًا ضَرْبًا) أَيْ نَوْعًا (مَعْلُومَيْنِ) قَيْدٌ لِلْمَلِيحِ وَالطَّرِيِّ.
. (وَ) صَحَّ (فِي الطَّسْتِ وَالْقُمْقُمَةِ وَالْخُفَّيْنِ إذَا عَيَّنَ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ (لَا فِيمَا لَا يَعْلَمَانِ) أَيْ قَدْرَهُ وَصِفَتَهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَصِفَتَهُ (كَالْحَيَوَانِ وَأَطْرَافِهِ وَاللَّحْمِ وَالْجُلُودِ عَدَدًا) قَيْدٌ لِلْجُلُودِ (وَالْحَطَبِ حُزَمًا) جَمْعُ حُزْمَةٍ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ بند هيزم (وَالرَّطْبَةُ جُرُزًا) جَمْعُ جُرْزَةٍ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ دست تره.
(وَالْجَوْهَرُ وَالْخَرَزُ) بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي يُنَظَّمُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا يَمْنَعُ السَّلَمَ حَتَّى إنَّ بَيْنَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالصِّفَةِ فِي الْجُلُودِ، وَقَدْرِ مَا يُشَدُّ بِهِ الْحُزْمَةُ جَازَ (وَالْمُنْقَطِعُ) أَيْ وَلَا فِيمَا انْقَطَعَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (إلَى) حِينِ (الْمَحَلِّ) أَيْ الْأَجَلِ بِأَنْ اسْتَغْرَقَ الْعَدَمُ جَمِيعَ الْوَقْتِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْأَجَلِ.
(وَ) لَا (بِكَيْلٍ أَوْ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَتَأَخَّرُ فِيهِ فَرُبَّمَا يَضِيعُ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ.
. (وَ) لَا (بُرِّ قَرْيَةٍ أَوْ تَمْرِ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) إذْ قَدْ تَعْتَرِيهِ آفَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْجِنْسِ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ (وَالنَّوْعِ) كَسَقْيِهِ وَبَخْسِهِ (وَالصِّفَةِ) كَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ (وَالْقَدْرِ) نَحْوِ كَذَا كَيْلًا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ (وَالْأَجَلِ وَأَقَلُّهُ شَهْرٌ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ (وَقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ) أَخْرَجَ الْفُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّهَا سِلَعٌ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالسَّلَمِ فِي التِّبْرِ لَا يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ رِوَايَةِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِالْمَضْرُوبِ وَعَلَى رِوَايَةِ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِالْعُرُوضِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا أَنَّهُ كَالْعُرُوضِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ) أَيْ عَدًّا وَيَجُوزُ أَيْضًا كَيْلًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ذُكِرَ فِي الْمُخْتَلَفِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا وَكَيْلًا وَوَزْنًا عِنْدَنَا (قَوْلُهُ وَوَزْنُهُ إنْ بِيعَ بِهِ) أَيْ بِالْوَزْنِ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ حَرِيرٍ يُبَاعُ بِالْوَزْنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَزْنِهِ مَعَ ذَلِكَ أَيْ الذَّرْعِ وَالصِّفَةِ وَالصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِهِ اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ فِي الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الذَّرْعِ وَالصِّفَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْوَزْنِ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْوَزْنِ فَإِنَّ الدِّيبَاجَ كُلَّمَا ثَقُلَ وَزْنُهُ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ وَالْحَرِيرُ كُلَّمَا خَفَّ وَزْنُهُ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ احْتَجُّوا لَهَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ
بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيًّا ... أَطْعَمَهَا الْمَالِحَ وَالطَّرِيَّا
وَالْحُجَّةُ لِلُّغَةِ الْفَصِيحَةِ قَوْله تَعَالَى {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: ٥٣] أَيْ شَدِيدُ الْمُلُوحَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَزْنًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الْمِلْحِ وَالطَّرِيِّ عَدَدًا؛ لِأَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ، وَأَمَّا السَّمَكُ الصِّغَارُ إذَا كَانَ يُكَالُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا وَوَزْنًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَسَوَاءٌ فِيهِ الطَّرِيُّ وَالْمَمْلُوحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ: كَالْحَيَوَانِ) شَامِلٌ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ حَتَّى الْعَصَافِيرَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَفْصِلْ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَاللَّحْمِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَنْزُوعَ الْعَظْمِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَجَازَاهُ مُطْلَقًا كَالْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ وَالسَّمَكِ وَزْنًا وَبِهِ يُفْتِي؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ مَوْزُونٌ مَضْبُوطٌ إذَا بَيَّنَ وَصْفَهُ وَمَوْضِعَهُ كَمَا فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ جَازَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ فَصَارَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِمَا.
(قَوْلُهُ وَالْجُلُودِ عَدَدًا) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَزْنًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إذَا كَانَا يُبَايِعَانِ وَزْنًا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا بِالْوَزْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْجَوْهَرِ) هَذَا فِي الْكِبَارِ مِنْهُ وَيَجُوزُ فِي صِغَارِ اللُّؤْلُؤِ وَزْنًا لِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: وَقَدْرُ مَا يَشُدُّ بِهِ الْحُزْمَةُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ عُرِفَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَيْنَ الْحَبْلِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ الْحَطَبَ وَالرَّطْبَةَ وَبَيْنَ طُولِهِ وَضُبِطَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ جَازَ.
(قَوْلُهُ: الْمَحِلِّ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَغْرَقَ الْعَدَمُ جَمِيعَ الْوَقْتِ) لَيْسَ شَرْطًا حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُرِّ قَرْيَةٍ) قَيَّدَ بَقَرِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامِ وِلَايَةٍ يَجُوزُ لِأَنَّ حُصُولَ الْآفَةِ لِطَعَامِ الْوِلَايَةِ نَادِرٌ وَهَذَا إذَا نُسِبَ إلَى قَرْيَةٍ لِيُؤَدِّيَ مِنْ طَعَامِهَا، وَأَمَّا إذَا نُسِبَ إلَيْهَا لِبَيَانِ وَصْفِ الطَّعَامِ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ صِحَّتِهِ. . . إلَخْ) بَيَانٌ لِلشُّرُوطِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي الْعَقْدِ وَمُحَصِّلُهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ بَيَانُ ضَبْطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبَيَانُ ضَبْطِ رَأْسِ الْمَالِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الْمَعْدُودِ وَذَلِكَ أَيْ ضَبْطُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ مَالٍ يُذْكَرُ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَصِفَتُهُ، وَقَدْرُهُ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُذْكَرُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ لِدَوَامِ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَنَقْدِ الدَّرَاهِمِ لِتَمْيِيزِ الْجَيِّدِ مِنْ الرَّدِيءِ وَخُلُوصِ الْبَدَلَيْنِ عَنْ أَحَدِ وَصْفَيْ عِلَّةِ الرِّبَا وَهُوَ الْقَدْرُ أَوْ الْجِنْسُ كَإِسْلَامِ الْهَرَوِيِّ فِي الْهَرَوِيِّ وَالْحِنْطَةِ فِي الشَّعِيرِ وَالْحَدِيدِ فِي الرَّصَاصِ وَكَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يُتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِتَخْرُجَ النُّقُودُ وَالْأَجَلُ