للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَرُّرٍ، فَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَانَ مُسْتَحِقَّ الرَّدِّ (قَبْلَ الْهَلَاكِ فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ وَالِاسْتِرْدَادَ) -

(قَالَ وَهَبْتُ لَكَ هَذِهِ الْغِرَارَةَ الْحِنْطَةَ أَوْ الزِّقَّ السَّمْنَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْحِنْطَةِ وَالسَّمْنِ فَقَطْ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَاغِلٌ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ لَا مَشْغُولٌ بِهِ (وَهَبَتْ دَارَهَا لِزَوْجِهَا وَهُمَا بِمَتَاعِهِمَا سَاكِنَانِ فِيهَا جَازَتْ) الْهِبَةُ وَيَصِيرُ الزَّوْجُ قَابِضًا لِلدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَتَاعَهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (وَهَبَ ثِيَابًا فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ وَدَفَعَهُ) أَيْ الصُّنْدُوقَ (لَا يَكُونُ قَبْضًا) فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا انْتِفَاعَ مَعَ الْقَفْلِ (وَتَمَّ هِبَةُ مَا مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِلَا قَبْضٍ جَدِيدٍ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً مَلَكَهَا بِالْهِبَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ فِيهَا قَبْضًا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي بَابِ الْهِبَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَصْلُ الْقَبْضِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هَاهُنَا فَنَابَ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْوَدِيعَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّنْ فِي يَدِهِ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي قَبْضًا مَضْمُونًا وَقَبْضُ الْمُودَعِ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْقَبْضَيْنِ إذَا تَجَانَسَا نَابَ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الْآخَرِ لِاتِّحَادِهِمَا جِنْسًا، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْأَقْوَى عَنْ الْأَضْعَفِ بِلَا عَكْسٍ؛ لِأَنَّ فِي الْأَقْوَى مِثْلَ الْأَدْنَى وَزِيَادَةً وَلَيْسَ فِي الْأَدْنَى مَا فِي الْأَقْوَى -

. (وَ) تَمَّ أَيْضًا (مَا وَهَبَ) أَيْ الْأَبُ (لِطِفْلِهِ بِالْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي قَبْضِ الْأَبِ فَيَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً أَوْ يَدِ مُودَعِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِعَدَمِ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ (إذَا كَانَ) أَيْ الْمَوْهُوبُ (مَعْلُومًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَفْظُ الْمَبْسُوطِ وَكُلُّ شَيْءٍ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَعْلُومٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْقَبْضُ فِيهِ بِإِعْلَامِ مَا وَهَبَهُ لَهُ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْهِبَةُ تَتِمُّ بِالْإِعْلَامِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ الْإِشْهَادَ احْتِيَاطًا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ جُحُودِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَنْ جُحُودِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْوَلَدِ -

. (وَ) تَمَّ أَيْضًا (مَا وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الطِّفْلِ (عَاقِلًا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَحْضِ مُلْحَقٌ بِالْبَالِغِ (أَوْ قَبْضِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ وَصِيِّ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا -

(أَوْ) قَبْضِ (أُمٍّ هُوَ) أَيْ الطِّفْلُ (مَعَهَا أَوْ) قَبْضِ (أَجْنَبِيٍّ يُرَبِّيهِ وَهُوَ) أَيْ الطِّفْلُ (مَعَهُ أَوْ) قَبْضِ (زَوْجِهَا لَهَا) أَيْ لِلصَّغِيرَةِ لَكِنْ (بَعْدَ الزِّفَافِ) ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي حِفْظِهَا وَقَبْضِ الْهِبَةِ لَهَا وَلَوْ قَبَضَ الْأَبُ أَيْضًا صَحَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْوَلَايَةُ لَهُ وَوَلَايَةُ الزَّوْجِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَهَبْت لَك هَذِهِ الْغِرَارَةَ الْحِنْطَةَ وَالزِّقَّ السَّمْنَ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا أَحَالَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الزِّقَّ مُتَنَاوِلًا لِلظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ صَارَتْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ نَصَّ عَلَى الْمَظْرُوفِ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَتَمَّ هِبَةُ مَا مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِلَا قَبْضٍ جَدِيدٍ) ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا ظَاهِرًا لَا فِيمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ لِكَوْنِ يَدِهِ يَدَ الْمَالِكِ نِيَابَةً عَنْهُ فِي الْحِفْظِ فَكَيْفَ يَنُوبُ هَذَا الْقَبْضُ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ قُلْنَا يَدُ الْمَالِكِ حُكْمِيَّةٌ وَالْقَابِضُ حَقِيقَةٌ فَبِاعْتِبَارِهَا نَزَلَ قَابِضًا لِإِقَامَةِ يَدِهِ مَقَامَ يَدِ الْمَالِكِ حُكْمًا مَا دَامَ عَامِلًا لَهُ وَبَعْدَ الْهِبَةِ لَيْسَ بِعَامِلٍ لَهُ فَتُعْتَبَرُ الْحَقِيقَةُ (قَوْلُهُ أَوْ أَمَانَةً) يَعْنِي كَالْمُسْتَأْجَرَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يُوفِ بِمَا يَشْمَلُهُ الْمَتْنُ مِنْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَالْغَصْبِ وَالرَّهْنِ لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ خِلَافَ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ كَمَسْأَلَةِ الْهِبَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ احْتَاجَ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْهِبَةِ أَعَمَّ لِشُمُولِهَا الْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَصْلِ يُشِيرُ إلَى هَذَا

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ) أَقُولُ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي التَّبْيِينِ وَلَعَلَّ حَقَّ الْعِبَارَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَعْلُومًا) أَقُولُ وَلَوْ دَارًا يَسْكُنُهَا الْأَبُ وَمَتَاعُهُ فِيهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَوْ يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ بِلَا أُجْرَةٍ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ لَوْ مَيِّتًا وَالِابْنُ فِي يَدِهَا وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ وَكَذَا مَنْ يَعُولُهُ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْهِبَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَهَبَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا مَعَ الزَّوْجِ جَازَ) كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قُلْت: لِأَنَّهَا وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَلَمْ تَكُنْ يَدُهَا مَانِعَةً مِنْ قَبْضِهِ اهـ لَكِنْ نُقِلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَأَنْ تَهَبَ لِزَوْجِهَا أَوْ الْأَجْنَبِيِّ دَارًا وَهُمَا سَاكِنَانِ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ ثَابِتَةٌ عَلَى الدَّارِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَمَّ مَا وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ بِقَبْضِهِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إلَّا إذَا وَهَبَ لَهُ أَعْمَى لَا نَفْعَ لَهُ وَتَلْحَقُهُ مُؤْنَتُهُ، فَإِنَّ قَبُولَهُ بَاطِلٌ وَيُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبَضَ زَوْجُهَا لَهَا أَيْ الصَّغِيرَةِ) أَقُولُ لَا يَخْفَى عَدَمُ مَعْرِفَةِ قَيْدِ الصِّغَرِ مِنْ الْمَتْنِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقَامُ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ بَعْدَ الزِّفَافِ) أَقُولُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>