للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَيْنَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُقْبَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقْبَلُ وَعَامَّتُهُمْ هَاهُنَا عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا الْعَيْنُ مِلْكِي وَأَقَرَّ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَنْكَرَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إقْرَارِهِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَرَابِعًا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَذَبَ الْمُقِرُّ) أَيْ فِي إقْرَارِهِ بِالْمَالِ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ (أَخْذُ الْمَالِ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْمُقِرِّ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ الثُّبُوتَ يَحِلُّ أَخْذُهُ

(وَهُوَ) أَيْ الْإِقْرَارُ (حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ) أَمَّا حُجَّتُهُ «فَلِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ رَجَمَ مَاعِزًا بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهَا» فَلَمَّا جَعَلَ الْإِقْرَارَ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ الَّتِي تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَأَنْ يَكُونَ حُجَّةً فِي غَيْرِهَا أَوْلَى وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَأَمَّا قُصُورُهُ فَلِقُصُورِ وِلَايَةِ الْمُقِرِّ عَنْ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ) فَإِنَّهَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْقَضَاءِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِ وَمُكَاتَبِيهِ إذْ ثَبَتَ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَاسْتِحْقَاقُهَا لِهَؤُلَاءِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ

(أَقَرَّ مُكَلَّفٌ) أَيْ عَاقِلٌ بَالِغٌ (حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ بِمَعْلُومٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقَرَّ (صَحَّ) أَيْ إقْرَارُ كُلٍّ مِنْ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَحْرَارِ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ فَكَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَشُرِطَ التَّكْلِيفُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِقْرَارِهِمَا حُكْمٌ (وَلَوْ) أَقَرَّ (بِمَجْهُولٍ صَحَّ) أَيْضًا لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَلْزَمُهُ مَجْهُولًا بِأَنْ أَتْلَفَ مَالًا لَا يَدْرِي قِيمَتَهُ أَوْ جَرَحَ جِرَاحَةً لَا يَعْلَمُ أَرْشَهَا (لَوْ) كَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ (تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ) وَتَحَقُّقِهِ (إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ) فَإِنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْغَصْبِ فَإِنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا مَجْهُولًا فِي كِيسٍ أَوْ أَوْدَعَهُ مَالًا فِي كِيسٍ صَحَّ الْغَصْبُ الْوَدِيعَةُ وَثَبَتَ حُكْمُهُمَا (بِخِلَافِ مَا اُشْتُرِطَ لَهُ ذَلِكَ) فَإِنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فَالْإِقْرَارُ بِهِ مَعَ الْجَهَالَةِ لَا يَصِحُّ. (كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) فَإِنَّ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ آجَرَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِشَيْءٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِ شَيْءٍ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ بِمِثْلِ الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ (بَيَانُ مَا جُهِلَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَهُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوُجُوبِ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا بَيَّنَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ رُجُوعًا فَلَا يَصِحُّ

(وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى خَصْمُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ يُبَرْهِنْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا بَيَّنَ الْمَجْهُولَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ حُكِمَ بِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ) كَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَمَحَلُّ صِحَّةِ إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مَا هُوَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَلَا يَصِحُّ بِمَهْرِ مَوْطُوءَتِهِ بِنِكَاحٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ بِهِ وَجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ بِالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ صَحَّ) لَوْ تَصَرُّفًا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ إعْلَامُ مَا صَادَفَهُ فِي مَفْهُومِهِ تَأَمَّلْ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ تَصِحُّ مَعَهُ الْجَهَالَةُ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ يُنْظَرْ فَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْبَرُ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ) لَا يَخْفَى عَدَمُ مُطَابَقَتِهِ لِمَتْنِهِ إلَّا بِمَعُونَةِ ذِكْرِ السَّبَبِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اهـ.

وَاَلَّذِي لَهُ قِيمَةٌ كَفَلْسِ وَجَوْزَةٍ وَغَيْرِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَقَطْرَةِ مَاءٍ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>