للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُزَيَّنُ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالسُّتُورِ.

. (وَ) أَقَرَّ (بِثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ لَزِمَاهُ) لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ حَقِيقَةٌ وَأَمْكَنَ نَقْلُهُ كَمَا مَرَّ (وَ) أَقَرَّ (بِثَوْبٍ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَهُ ثَوْبٌ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ ظَرْفًا كَقَوْلِهِ حِنْطَة فِي جَوَالِقَ وَلِأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ عَادَةً وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً.

(وَ) أَقَرَّ (بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ بِنِيَّةِ الضَّرْبِ لَهُ خَمْسَةٌ) لِأَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ (وَبِنِيَّةِ مَعَ عَشَرَةٍ) أَيْ لَوْ قَالَ أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ لَزِمَهُ عَشَرٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] قِيلَ مَعَ عِبَادِي فَإِذَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ وَلَوْ مَجَازًا وَنَوَاهُ صَحَّ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ

(وَفِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ وَلَهُمَا أَنَّ الْغَايَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً إذْ الْمَعْدُومُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلْمَوْجُودِ وَوُجُودُهُ بِوُجُوبِهِ فَيَدْخُلُ الْغَايَتَانِ، وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا لِأَنَّ الْحَدَّ يُغَايِرُ الْمَحْدُودَ لَكِنْ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْأُولَى لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الْغَايَةُ الْأُولَى ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ مَا بَيْنَهُمَا) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا.

(أَقَرَّ بِالْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ جَارِيَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ (صَحَّ) إقْرَارُهُ وَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَمَاتَ الْمُوصِي فَيُقِرُّ وَارِثُهُ لِلْمُوصَى لَهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا أَوْ لَا (وَلَهُ) أَيْ أَقَرَّ لِلْحَمْلِ صَحَّ أَيْضًا لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ (إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ) بِأَنْ قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ لَهُ فُلَانٌ فَالْإِقْرَارُ بِهِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا لَوْ عَايَنَّاهُ حَكَمْنَا بِهِ فَكَذَا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ إنْ وُجِدَ السَّبَبُ الصَّالِحُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُقَرِّ بِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ مُحْتَمِلًا؛ وَذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ أَوْ الْمُوصِي إذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً (فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ مِنْ سَنَتَيْنِ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فَلَهُ مَا أَقَرَّ لِوُجُودِهِ) فِي الْبَطْنِ حَيْثُ مَاتَ الْمُوَرِّثُ أَوْ الْمُوصِي (أَوْ مَيِّتًا) أَيْ إنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا (فَلِلْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ) أَيْ يَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُمَا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْجَنِينِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِمَا (أَوْ) وَلَدَتْ (حَيَّيْنِ فَلَهُمَا) مَا أَقَرَّ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ كَذَلِكَ وَفِي الْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَإِنْ بَيَّنَ بِغَيْرِ صَالِحٍ) لِلسَّبَبِيَّةِ (كَبَيْعٍ وَإِقْرَاضٍ وَهِبَةٍ) بِأَنْ قَالَ الْحَمْلُ بَاعَ مِنِّي أَوْ أَقْرَضَنِي أَوْ وَهَبَ لِي (أَوْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ) وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ لِحَمْلِ فُلَانَةَ كَذَا (لَغَا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِمَا مِنْ الْجَنِينِ لَا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ وَلِهَذَا حُمِلَ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ وَأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا وَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا قَالَ غَصَبْت كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَرِيرٍ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عُرْفًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ التَّبْيِينِ وَقَالَ قَاضِي زَادَهْ عَنْ النِّهَايَةِ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمَبْسُوطِ (قَوْله لِأَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ) أَيْ لِإِزَالَةِ الْكَسْرِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ لِأَنَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَزْنًا وَإِنْ جُعِلَتْ أَلْفَ جُزْءٍ لَا يُزَادُ فِيهَا قِيرَاطٌ (قَوْلُهُ وَبِنِيَّةِ مَعَ عَشَرَةٌ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ وَلَوْ أَرَادَ بِفِي مَعْنَى عَلَى لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَالْمَبْسُوطِ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ حُكْمُهُ كَحُكْمِ فِي، فَإِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت بِهِ عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الضَّرْبَ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ) قَالَ قَاضِي زَادَهْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْغَايَةِ الْأُولَى اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ قِيَاسٌ وَمَا قَالَا فِي الْغَايَتَيْنِ اسْتِحْسَانٌ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ فِيهِمَا قِيَاسٌ كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ (قَوْلُهُ وَمِنْ دَارِي. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مُعَلَّلًا كَمَا هُنَا وَعَلَّلَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ دُونَ الْحَائِطَيْنِ لِقِيَامِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا

(قَوْلُهُ أَوْ حَمْلَ شَاةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُعْلَمُ وُجُودُ حَمْلِ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْبَهَائِمِ بِأَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُقَرِّ بِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ) صَوَابُهُ الْمُقَرِّ لَهُ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ أَوْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا بِأَنْ قَالَ لِحَمْلِ فُلَانٍ كَذَا لَغَا) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إمَّا أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>