للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِارْتِكَابِ مَا يُحَدُّ بِهِ لَيْسَ ارْتِكَابُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحَدَّ بِهِ بَلْ ارْتِكَابُ مَا يُحَدُّ بِهِ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِإِظْهَارِ وَاطِّلَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ

(أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا إزَارٍ) لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُبَالَاةِ (أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا) لِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَشَرَطَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِأَكْلِ الرِّبَا لِأَنَّ التُّجَّارَ قَلَّمَا يَتَخَلَّصُونَ عَنْ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعَقْدِ وَكُلُّ ذَلِكَ رِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِهَارِ (أَوْ يَلْعَبُ بِنَرْدٍ أَوْ يُقَامِرُ بِشِطْرَنْجٍ أَوْ يَتْرُكُ بِهِ) أَيْ بِالشِّطْرَنْجِ (الصَّلَاةَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا كَبِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ فَأَمَّا مُجَرَّدُ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ بِدُونِ قِمَارٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ فَلَيْسَ بِفِسْقٍ مَانِعٍ لِلشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا عِنْدَنَا لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسَاغًا لِكَوْنِهِ مُبَاحًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا مَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا (أَوْ يَبُولُ أَوْ يَأْكُلُ عَلَى الطَّرِيقِ) قَيَّدَ لَهُمَا (أَوْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تَدُلُّ عَلَى قُصُورِ عَقْلِهِ وَمُرُوءَتِهِ وَمَنْ لَمْ يَمْتَنِعْ عَنْهَا لَا يَمْتَنِعُ عَنْ الْكَذِبِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَرْتَكِبُهَا

(شَهِدَا) أَيْ ابْنَا الْمَيِّتِ (أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَيْهِ) أَيْ جَعَلَ هَذَا الشَّخْصَ وَصِيًّا (وَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصُ (يَدَّعِيهِ) أَيْ كَوْنُهُ وَصِيًّا (صَحَّتْ) أَيْ شَهَادَتُهُمَا اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَصِيُّ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ وَإِنْ ادَّعَى (كَشَهَادَةِ دَائِنَيْ الْمَيِّتِ) أَيْ غَرِيمَيْنِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ (وَمَدْيُونَيْهِ) أَيْ غَرِيمَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ (وَالْمُوصَى لَهُمَا) أَيْ رَجُلَيْنِ أَوْصَى لَهُمَا الْمَيِّتُ (وَوَصِيِّهِ عَلَى الْإِيصَاءِ) أَيْ نَصْبِ الْوَصِيِّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كَشَهَادَةٍ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا مَغْنَمًا بِشَهَادَتِهِمَا فَيُرَدُّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَيْنِ قَصَدَا بِهَا نَصْبَ مَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُمَا وَيَقُومُ بِإِحْيَاءِ حُقُوقِهِمَا وَالْغَرِيمَيْنِ قَصَدَا نَصْبَ مَنْ يَسْتَوْفِيَانِ حَقَّهُمَا أَوْ يَبْرَآنِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّيْنِ قَصَدَا نَصْبَ مَنْ يُعِينُهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْمُوصَى لَهُمَا قَصَدَا نَصْبَ مَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا حَقَّهُمَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ حَقِيقَةً لِأَنَّهَا تُوجِبُ عَلَى الْقَاضِي مَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ بِدُونِهَا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ نَصْبِ الْوَصِيِّ إذَا رَضِيَ الْوَصِيُّ وَالْمَوْتُ مَعْرُوفٌ حِفْظًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ عَنْ الضَّيَاعِ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي صَلَاحِيَّةِ مَنْ يُنَصِّبُهُ وَأَهْلِيَّتِهِ وَهَؤُلَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ كَفَوْهُ مُؤْنَةَ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُثْبِتُوا بِهَا شَيْئًا فَصَارَ كَالْقُرْعَةِ فِي كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ بَلْ دَافِعَةٍ مُؤْنَةَ تَعْيِينِ الْقَاضِي (وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ رُدَّتْ) أَيْ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ (ادَّعَى) أَيْ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ (أَوْ لَا) لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي شَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا وَقَدْ مَرَّ بُطْلَانُهَا (كَالشَّهَادَةِ عَلَى جَرْحٍ مُجَرَّدٍ) وَهُوَ مَا يَفْسُقُ بِهِ الشَّاهِدُ وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ حَقَّ الشَّرْعِ أَوْ الْعَبْدِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ (كَفَاسِقٍ أَوْ آكِلِ الرِّبَا أَوْ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ) وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْبَلُ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ وَفِي وُسْعِ الْقَاضِي إلْزَامُهُ وَالْفِسْقُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْفَعُهُ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى الْجَرْحِ لَكِنْ لَا خَصْمَ فِي إثْبَاتِهِ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأُجْرَةِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَشَرَطَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِأَكْلِ الرِّبَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا بِخِلَافِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدْمَانُ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ مُمْكِنٌ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الرِّبَا بِالدُّخُولِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدْمَانُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا عِنْدَنَا) يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ غَيْرُ مُبَاحٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا) قَالَ الْكَمَالُ وَلِعْبُ الطَّابِ فِي بِلَادِنَا مِثْلُهُ لِأَنَّهُ يَرْمِي وَيَطْرَحُ بِلَا حِسَابٍ وَإِعْمَالِ فِكْرٍ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ مِمَّا أَحْدَثَهُ الشَّيْطَانُ وَعَمِلَهُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ فَهُوَ حَرَامٌ سَوَاءٌ قُومِرَ بِهِ أَوْ لَا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الشَّعْبَذَةِ وَالدِّكَاكِ وَالسِّيمَيَا إذَا أَكَلَ بِهَا وَاِتَّخَذَهَا مَكْسَبَهُ وَأَمَّا مَنْ عَلِمَهَا وَلَمْ يَعْمَلْهَا فَلَا

(قَوْلُهُ وَالْغَرِيمَيْنِ قَصَدَا نَصْبَ مَنْ يَسْتَوْفِيَانِ حَقَّهُمَا) يَعْنِي مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْكَافِي (قَوْلُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ حَقِيقَةً لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ عَلَى الْقَاضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ بِدُونِهَا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا النَّافِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهَا رَاجِعٌ إلَى الشَّهَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ عَلَى الْقَاضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ. . . إلَخْ لَا يُقَالُ إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى شَهَادَةِ الْمَذْكُورِينَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ مُلْزِمَةٌ وَهُوَ عَكْسُ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ وَالْمَوْتُ مَعْرُوفٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ لِيَتَمَكَّنَ الْقَاضِي مِنْ نَصْبِ الْوَصِيِّ إذَا رَضِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَ أَوْ كَانَ الْمَوْتُ غَيْرَ ظَاهِرٍ إذْ لَا يَكُونُ لَهُ نَصْبُ الْوَصِيِّ إلَّا بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ فَتَصِيرُ الشَّهَادَةُ مُوجَبَةً فَتَبْطُلُ لِمَعْنَى التُّهْمَةِ وَفِي الْغَرِيمَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْتُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْقَبْضِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَثَبَتَ مَوْتُ رَبِّ الدَّيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي حَقِّهِمَا وَقِيلَ مَعْنَى الْقَبُولِ أَمْرُ الْقَاضِي إيَّاهُمَا بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمَا إلَيْهِ لَا بَرَاءَتُهُمَا عَنْ الدَّيْنِ بِهَذَا الْأَدَاءِ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِمَا فَيُقْبَلُ فِيهِ وَالْبَرَاءَةُ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا نَقْبَلُ فِيهَا كَذَا فِي الْكَافِي

<<  <  ج: ص:  >  >>