للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِصِحَّةِ السَّبَبِ (وَحُكْمُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ التَّعْزِيرُ وَالتَّضْمِينُ) أَمَّا التَّعْزِيرُ فَلِمَا مَرَّ وَأَمَّا التَّضْمِينُ أَيْ تَضْمِينُ مَا أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَلِإِقْرَارِهِمَا عَلَى نَفْسِهِمَا بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الشَّهَادَةُ الْبَاطِلَةُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ حُكْمَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قَالَ وَقَبْضِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ (وَلَمْ يَنْتَقِضْ) أَيْ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضُ لَا يَنْتَقِضُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ.

(وَ) حُكْمُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ (التَّعْزِيرُ) فَقَطْ وَقَدْ مَرَّ (الْعِبْرَةُ) فِي حَقِّ الضَّمَانِ (لِلْبَاقِي لَا الرَّاجِعِ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ) إذْ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقُومُ نِصْفُ الْحُجَّةِ فَبِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّهَادَةِ تَبْقَى الْحُجَّةُ فِي النِّصْفِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ ضَمَانُ مَا لَمْ تَبْقَ الْحُجَّةُ فِيهِ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً بِبَعْضِ الْعِلَّةِ ثُمَّ يَبْقَى بِبَقَاءِ بَعْضِ الْعِلَّةِ كَابْتِدَاءِ الْحَوْلِ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى بَعْضِ النِّصَابِ وَيَبْقَى مُنْعَقِدًا بِبَقَاءِ بَعْضِ النِّصَابِ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الرَّاجِعُ إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْحَقِّ (وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (النِّصْفَ) إذْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْمَالِ (وَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ضَمِنَتْ الرُّبْعَ) إذْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَبْقَى بِهِ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ (وَإِنْ رَجَعَتَا ضَمِنَتَا النِّصْفَ) لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ النِّصْفُ (وَإِنْ رَجَعَتْ ثَمَانٍ مِنْ رَجُلٍ وَعَشْرَةِ نِسْوَةٍ فَلَا ضَمَانَ) لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْمَالِ وَهُوَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى ضَمِنَتْ التِّسْعُ الرُّبْعَ لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ) إذْ النِّصْفُ يَبْقَى بِالرَّجُلِ وَالرُّبْعُ بِالْبَاقِيَةِ (وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ) أَيْ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ (فَعَلَيْهِ السُّدُسُ عِنْدَهُ وَالنِّصْفُ عِنْدَهُمَا وَمَا بَقِيَ) وَهُوَ خَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ (عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) لَهُمَا أَنَّ النِّسَاءَ وَإِنْ كَثُرْنَ فِي الشَّهَادَةِ لَمْ يَقُمْنَ إلَّا مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا بِانْضِمَامِ رَجُلٍ وَكَانَ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِ نِصْفَ الْمَالِ وَبِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفَهُ وَلَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَعَشْرُ نِسْوَةٍ كَخَمْسَةٍ مِنْ الرِّجَالِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمْ يَكُونُ أَسْدَاسًا (وَإِنْ رَجَعْنَ) أَيْ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ (فَقَطْ) وَبَقِيَ رَجُلٌ (فَالنِّصْفُ وِفَاقًا) أَمَّا عِنْدَهُمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

بِالرُّجُوعِ أَوْ بِالضَّمَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ نُقِلَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَبْعَدَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ تَوَقُّفَ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالرُّجُوعِ أَوْ بِالضَّمَانِ وَتَرَكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مُصَنَّفِي الْفَتَاوَى هَذَا الْقَيْدَ وَذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ تَعْوِيلًا عَلَى هَذَا الِاسْتِبْعَادِ اهـ.

وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفُ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَبُولِ دَعْوَى الرُّجُوعِ مُطْلَقًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الصُّغْرَى عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ وَقَبَضَ الْمَالَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ) كَذَا قَالَهُ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَشْهُودُ لَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ قَالَ الْبَزَّازِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا وَكَذَا الْعَقَارُ يَضْمَنُ بَعْدَ الرُّجُوعِ إذَا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ يَعْنِي لَا التَّضْمِينَ وَقَالَ الْكَمَالُ قَالُوا يُعَزَّرُ الشُّهُودُ سَوَاءٌ رَجَعُوا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَوْبَةٌ عَنْ تَعَمُّدِ الزُّورِ إنْ تَعَمَّدَهُ أَوْ التَّهَوُّرِ وَالْعَجَلَةِ إنْ كَانَ أَخْطَأَ فِيهِ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى التَّوْبَةِ وَلَا عَلَى ذَنْبٍ ارْتَفَعَ بِهَا وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ اهـ.

وَقَدَّمْنَا عَنْهُ مَا قَالَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) وَهُوَ خَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِالنِّصْفِ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَيْهِنَّ مُوَزَّعًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلِهِمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِنَّ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ كَأَنَّهُنَّ خَمْسَةُ رِجَالٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا عَلَيْهِنَّ نِصْفٌ لِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّعْلِيلِ لَهُمَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ التَّرَاكِيبِ عَلَى الْمَاهِرِ اللَّبِيبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعْنَ فَقَطْ فَالنِّصْفُ وِفَاقًا) كَذَا عَكْسُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ.

وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الرَّجُلَ رَجَعَ وَثَمَانِ نِسْوَةٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَةِ لِأَنَّهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ فَيَجْعَلُ الرَّاجِعَاتِ كَأَنَّهُنَّ لَمْ يَشْهَدْنَ وَهَذَا سَهْوٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ أَخْمَاسًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَنْصَافًا وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَانَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ. اهـ. قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَلِذَا عَلَّلَ بِمَا لَمْ يُعَلِّلْ بِهِ الْإِمَامُ بَلْ بِمَا عَلَّلَا بِهِ إذْ مَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا ذَكَرَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>