للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ صَاحِبَ حِرْفَةٍ يُمْسِكُ قُوتَ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ دُورٍ وَحَوَانِيتَ يُمْسِكُ قُوتَ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ ضَيْعَةٍ يُمْسِكُ قُوتَ سَنَةٍ، وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا يُمْسِكُ مِقْدَارَ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مَالُهُ.

(صَحَّ الْإِيصَاءُ بِلَا عِلْمِ الْوَصِيِّ لَا التَّوْكِيلِ بِلَا عِلْمِ الْوَكِيلِ) يَعْنِي إذَا أَوْصَى رَجُلٌ إلَى آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ حَتَّى بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ وَصِيٌّ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْوَكِيلِ حَتَّى يَعْلَمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ بَعْدَ انْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْمُوصِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَتَصَرُّفِ الْوَارِثِ، وَالتَّوْكِيلُ إثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لَا اسْتِخْلَافَ بَعْدَهُ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ بِلَا عِلْمِ مَنْ يُثْبِتُ لَهُ الْوِلَايَةَ (فَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ صَحَّ تَصَرُّفُهُ) لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَكَالَةِ إثْبَاتُ حَقٍّ لِلْوَكِيلِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إنْ شَاءَ وَلَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ لِيَشْتَرِطَ شَرَائِطَ الْإِلْزَامِ (وَيُشْتَرَطُ لِعَزْلِهِ خَبَرٌ عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورِينَ كَعِلْمِ السَّيِّدِ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ، وَالشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ، وَالْبِكْرِ بِالنِّكَاحِ وَمُسْلِمٌ لَمْ يُهَاجِرْ بِالشَّرَائِعِ) لِأَنَّ الْخَبَرَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ يُشْبِهُ التَّوْكِيلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَصَرِّفَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَيُشْبِهُ الْإِلْزَامَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرٍ يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ حَيْثُ مَنْعُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدَ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ تَوْفِيرًا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَقَّهُمَا.

(بَاعَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا لِلْغُرَمَاءِ وَأَخَذَ الْمَالَ فَضَاعَ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ) مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي (لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى أَمْثَالِ هَذَا كَثِيرًا فَلَوْ رَجَّعَ الْحُقُوقَ إلَيْهِمْ لَتَقَاعَدُوا عَنْ إقَامَتِهَا فَتَخْتَلُّ

مَصَالِحُ النَّاسِ

(وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَمْ يَرْجِعْ عُهْدَتَهُ عَلَى الْعَاقِدِ فَتَجِبُ عَلَى مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ، وَالْبَيْعُ وَاقِعٌ لِلْغُرَمَاءِ فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورَيْنِ وَقَدْ تَوَكَّلَا عَنْ غَيْرِهِمَا بِالْبَيْعِ فَإِنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ.

(وَإِنْ بَاعَ الْوَصِيُّ لَهُمْ) أَيْ لِلْغُرَمَاءِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ) لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَحُقُوقُهُ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ، وَهُوَ الْوَصِيُّ نِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي فَإِنَّمَا نَصَبَهُ لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْمَيِّتِ لَا لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْقَاضِي وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ لَوْ بَاشَرَهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَا تَرْجِعُ إلَى مَنْ قَامَ مَقَامَهُ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ (عَلَيْهِمْ) أَيْ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ بَاعَ لَهُمْ فَكَانَ عَامِلًا لَهُمْ وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا وَلَحِقَهُ فِيهِ ضَمَانٌ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَمَلُ وَلَوْ ظَهَرَ بَعْدَهُ لِلْمَيِّتِ مَالٌ رَجَعَ الْغَرِيمُ فِيهِ بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِمَا غَرِمَ لِلْوَصِيِّ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَصِيِّ كَقَبْضِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ قَضَى ذَلِكَ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي.

(الْقَاضِي أَخْرَجَ الثُّلُثَ لِلْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُعْطِهِمْ إيَّاهُ حَتَّى هَلَكَ) كَانَ مِنْ مَالِهِمْ أَيْ الْفُقَرَاءِ (وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ) كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَوَجْهُهُ مَا مَرَّ.

(أَمَرَك قَاضٍ عَالِمٌ عَدْلٌ بِرَجْمٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ قُضِيَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ وَسِعَك فِعْلُهُ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: آخِرًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْحُجَّةَ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ، وَالتَّدَارُكُ لَا يُمْكِنُ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهِ، فَقَالُوا مَا أَحْسَنَ هَذَا فِي زَمَانِنَا لِأَنَّ الْقُضَاةَ قَدْ فَسَدُوا فَلَا يُؤْتَمَنُونَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ صَاحِبَ حِرْفَةٍ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ إمْسَاكُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ، وَالْعِيَالِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ صَحَّ تَصَرُّفُهُ) كَذَا لَوْ مِنْ صَغِيرٍ مُمَيَّزٍ وَلَوْ كَافِرًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِعَزْلِهِ خَبَرُ عَدْلٍ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِلْزَامِ، وَقَالَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ إلَّا التَّمْيِيزُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَهَذَا فِي الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ إذَا بَلَغَهُ الْعَزْلُ أَمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا كَانَ الْعَزْلُ حُكْمِيًّا لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ (قَوْلُهُ وَمُسْلِمٌ لَمْ يُهَاجِرْ بِالشَّرَائِعِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ بِخَبَرِهِ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الْحَدِيثَ وَفِي الرَّسُولِ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ.

(قَوْلُهُ بَاعَ الْقَاضِي. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَضَاعَ فِي يَدِهِ وَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُ الْقَاضِي وَلَا أَمِينُهُ الثَّمَنَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ الْوَصِيُّ لَهُمْ. . . إلَخْ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَمَنْصُوبِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ الثَّمَنِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ) صَوَابُهُ أَنْ يُفَسَّرَ الضَّمِيرُ فِي قَبْضِهِ بِالْمُثَمَّنِ الَّذِي هُوَ الْمَبِيعُ لَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ وَلَمْ يَقَعْ هَذَا التَّفْسِيرُ لِلضَّمِيرِ فِي الْكَافِي لِأَنَّ عِبَارَتَهُ وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِبَيْعِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَبَاعَهُ لَهُمْ وَقَبَضَ الْمَالَ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ اِ هـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِمَا غَرِمَ لِلْوَصِيِّ) يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي لَيْسَ حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ وَلَمْ تَقَعْ فِي الْكَافِي عَلَى مَا رَأَيْت فَقَوْلُهُ كَذَا فِي الْكَافِي لَيْسَ إلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>