للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَكِّ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ قَسَمَهَا بِإِقْرَارِهِمْ لِيَقْتَصِرَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى شَرِيكٍ آخَرَ لَهُمْ وَلَهُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي وَقَوْلُ الشُّرَكَاءِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَثْبُتَ بِهَا الْقَضَاءُ عَلَى الْمَيِّت فَإِنَّ التَّرِكَةَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الزَّوَائِدِ كَأَوْلَادِ مِلْكِهِ وَأَرْبَاحِهِ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْهَا دُيُونَهُ وَتَنْفُذَ وَصَايَاهُ وَبِالْقِسْمَةِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَيِّتِ عَنْ التَّرِكَةِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ حَقُّهُ فِيمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ مِنْ الزَّوَائِدِ فَكَانَ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْمَيِّتِ بِقَطْعِ حَقِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَيَصِيرُ بَعْضُهُمْ حِينَئِذٍ مُدَّعِيًا، وَالْبَعْضُ خَصْمًا، وَإِنْ كَانَ مُقَرَّرًا.

(وَ) لَا (إنْ بَرْهَنَا أَنَّهُ) أَيْ الْعَقَارَ (مَعَهُمَا حَتَّى يُبَرْهِنَا أَنَّهُ لَهُمَا) يَعْنِي إنْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ فِي الْعَقَارِ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ لَمْ يَقْسِمْهَا حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِمَا ثُمَّ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ضَرْبَانِ لِحَقِّ الْمِلْكِ تَكْمِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ وَلِحَقِّ الْيَدِ تَتْمِيمًا لِلْحِفْظِ وَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ هُنَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَكَذَا الثَّانِي لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.

(بَرْهَنَا عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ) أَيْ الْعَقَارُ (مَعَهُمْ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ قَسَمَ وَنُصِّبَ قَابِضٌ لَهُمَا) هُوَ وَصِيٌّ مِنْ الطِّفْلِ وَوَكِيلٌ مِنْ الْغَائِبِ لِأَنَّ فِي هَذَا النَّصْبِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ، وَالصَّغِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَصْلِ الْمِيرَاثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، وَالصَّغِيرِ بِقَوْلِهِمْ، وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ وَيُعْزَلُ حَقُّ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ، وَيَشْهَدُ أَنَّهُ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ بِإِقْرَارِ الْكِبَارِ الْحُضُورِ وَأَنَّ الْغَائِبَ أَوْ الصَّغِيرَ عَلَى حُجَّتِهِ.

(وَإِنْ بَرْهَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ شَرَوْا) أَيْ الشُّرَكَاءَ (وَغَابَ أَحَدُهُمْ أَوْ كَانَ) أَيْ الْعَقَارُ (مَعَ الْوَارِثِ الصَّغِيرِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ) كَانَ مَعَهُ (شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَقَارِ (لَا) أَيْ لَا يَجُوزُ الْقِسْمَةُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ إذَا بَرْهَنَ وَاحِدٌ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ وَهُوَ إنْ كَانَ خَصْمًا عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَعَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ خَصْمًا عَنْهُمَا فَلَيْسَ أَحَدٌ يُخَاصِمُهُ عَنْ نَفْسِهِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ الْوَرَثَةِ اثْنَيْنِ حَيْثُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ قَضَاءً بِحَضْرَةِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ إذَا شَرَوْا وَغَابَ أَحَدُهُمْ فَلِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِرْثِ، وَالشِّرَاءِ فَإِنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مِلْكُ خِلَافَةٍ حَتَّى يُرَدَّ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِ الْمُوَرَّثِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوَرَّثِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةً اشْتَرَاهَا مُوَرِّثُهُ فَوَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْوَارِثُ عَلَى بَائِعِ مُوَرِّثِهِ بِثَمَنِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ لِلْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ فَانْتَصَبَ أَحَدُهُمْ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَتْ الْقِسْمَةُ قَضَاءً بِحَضْرَةِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ، وَأَمَّا الْمِلْكُ الثَّابِتُ بِالشِّرَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَمِلْكٌ جَدِيدٌ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ فِي نَصِيبِهِ وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعٍ بَاعَهُ فَلَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ قَائِمَةً بِلَا خَصْمٍ فَلَا تُقْبَلُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَعَ الْوَارِثِ الصَّغِيرِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ الصَّغِيرِ الْحَاضِرِ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِي يَدِهِ عَنْ يَدِهِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ عَنْهُمَا.

(وَقَسْمٌ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ وَبِطَلَبِ ذِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَلَا إنْ بَرْهَنَا أَنَّهُ أَيْ الْعَقَارُ مَعَهُمَا حَتَّى يُبَرْهِنَا أَنَّهُ لَهُمَا) كَذَا فِي الْكَنْزِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا قُبَيْلَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَدَعْوَى الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا أَنْ يَدَّعُوا الْمِلْكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَهُوَ رِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَرْطُهُ هُنَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كَذَا.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ كَذَا لِأَنَّ الصُّورَةَ مُتَّحِدَةٌ غَيْرَ أَنَّ فِيهَا اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا رَأَيْت وَفِي مِثْلِهِ تَبَيُّنُ الرِّوَايَاتِ وَلَا يَذْكُرُونَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ اخْتِلَافَ الصُّوَرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلِيقُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ إلَّا ذِكْرُ أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنُصِّبَ قَابِضٍ لَهُمَا) قَالَ ابْنُ الضِّيَاءِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنَصَّبُ عَنْ الصَّبِيِّ الْحَاضِرِ أَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالْغَائِبِ الْبَالِغِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ الْوَرَثَةِ اثْنَيْنِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا عَلَى مَا قَالَ قَاضِي خَانْ: لَوْ جَاءَ الْبَالِغُ مَعَ صَغِيرٍ نَصَّبَ الْقَاضِيَ عَنْ الصَّغِيرِ مَنْ يَقْسِمُ وَيَأْمُرُهُ بِالْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ. . . إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهَا وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ يَقْسِمُ إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُونَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>