للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

وَمِنْهَا وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَالُوا إنْ كَانَ هَذَا الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِبَادِ يَرْجِعُ لِأَنَّ لَهَا مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ أَوْ اشْتَرَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَكَذَا الْوَصِيُّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَقَدْ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى بِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ كَبِيرٌ حَاضِرٌ أَوْ كَانَ، وَالْمُوصَى بِهِ مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَالتَّصَرُّفُ عَلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ بَيْعَ الْوَصِيِّ نَصِيبَهُ مِنْ الْعُرُوضِ جَبْرًا لِأَخْذِ الْوَصِيَّةِ وَلِلْوَارِثِ أَخْذُ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَدَفْعُ قَدْرِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَيَسْتَلْزِمُ الْإِطْلَاقَ أَيْضًا، وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ مَا لِلْكَبِيرِ مِنْهَا وَلَا تَجُوزُ بِدُونِ رِضَاهُ وَفِي شِرَائِهِ حِصَّةَ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الشَّيْءَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا يُسَاوِيهِ بِشَطْرِ قِيمَتِهِ كَاَلَّذِي يُسَاوِي عَشَرَةً فَيَشْتَرِيهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْوَصِيِّ احْتِرَازٌ عَنْ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ خِلَافٌ ذُكِرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاحْتُرِزَ بِالْوَصِيِّ لِأَنَّ الْجَدَّ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي مِنْ التَّرِكَةِ بِقَدْرِ التَّنْفِيذِ هَلْ يَمْلِكُ بَيْعَ مَا زَادَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ يَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً. . . إلَخْ) لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الْإِشْهَادَ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَمَالُ الْيَتِيمِ غَائِبٌ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَرْضٌ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرُّجُوعَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْلِهِ الضَّمَانَ اَ هـ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيُخَالِفُهُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ الْفُصُولِ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا مَا فِي الْفُصُولِ الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى الطَّعَامَ أَوْ الْكِسْوَةَ لِلْيَتِيمِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِهِ اهـ.

فَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا فِي الرُّجُوعِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ نَفْسٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ) يَعْنِي الْوَارِثَ الْكَبِيرَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ صَغِيرًا وَقَضَاهُ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَأَقُولُ اشْتِرَاطُهُ الْإِشْهَادَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ فَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِرُجُوعِهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ) أَقُولُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَالدَّيْنُ لَمْ يُبَيَّنْ كَوْنُهُ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْحُجَّةِ وَهُوَ مُفْتَرِقٌ لِمَا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَضَى بِهِ فَأَدَّى أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ دَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ لَا يُجِيزَ وَيَسْتَرِدَّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَلَوْ دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكَذَا الْوَصِيُّ لَا يُؤَدِّي وَدِيعَةً لِمُدَّعِيهَا وَلَا دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا مَهْرُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْقَاسِمُ إنْ ادَّعَتْ مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا فَذَلِكَ وَاجِبٌ وَكَفَى بِالنِّكَاحِ شَاهِدًا قَالَ الْفَقِيهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَنَى بِهَا يَمْنَعُ عَنْهَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْوَرَثَةِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ) أَقُولُ كَذَا أَطْلَقَهُ وَكَذَا فِيمَا سَيَأْتِي وَجَعَلَ الْوَارِثَ، وَالْوَصِيَّ سَوَاءً فِي الرُّجُوعِ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْكَفَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ بِحَسَبِ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ كَفَنِ السُّنَّةِ وَمُرَاعَاةِ حَالِ الرَّجُلِ بِمَا يَلْبَسُهُ فِي الْأَعْيَادِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ وَتَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ لِلزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا) أَقُولُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ: قَالَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةَ الصَّغِيرِ أَوْ اشْتَرَى مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَيُكَفِّنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ وَيَرْجِعَ فِي الْمِيرَاثِ اهـ.

لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْفُصُولِ أَيْضًا، قَالَ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَفِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَعَقَارٌ تَوَى بَعْضُ الْمَالِ وَأَنْفَقَ الْكِبَارُ الْبَعْضَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ فَمَا تَوَى فَهُوَ عَلَى كُلِّهِمْ وَمَا أَنْفَقَهُ الْكِبَارُ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ إنْ كَانُوا أَنْفَقُوا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ وَمَا أَنْفَقُوا عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ حُسِبَ لَهُمْ إلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ نَفَقَةَ مِثْلِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِوَصِيٍّ قَالَ هُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ، وَأَلْبَسَهُ الثَّوْبَ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْكَبِيرِ ضَمَانٌ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَفِي شَرْحِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَا يَحِلُّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مِنْ ثِيَابٍ أَوْ حَطَبٍ أَوْ دُهْنٍ أَوْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ وَأَقُولُ هَذَا فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْكَبِيرِ أَخْذُ قَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْهُ لِغَلَبَةِ الْإِفْرَازِ فِيهِ عَلَى الْمُبَادَلَةِ بِدُونِ قِسْمَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>