للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ (كَمَا إذَا حَصِرَ) الْإِمَامُ (عَنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ قِرَاءَةِ قَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (فَيَتَوَضَّأُ) الْإِمَامُ (وَيَبْنِي) بَاقِيَهَا عَلَى مَا مَضَى (وَيُتِمُّ) صَلَاتَهُ (ثَمَّةَ) أَيْ مَكَانَ التَّوَضُّؤِ (أَوْ يَعُودُ) إلَى مَكَانِهِ (إنْ فَرَغَ إمَامُهُ) أَيْ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ يُتِمُّ ثَمَّةَ أَوْ يَعُودُ (كَالْمُنْفَرِدِ) فَإِنَّهُ أَيْضًا مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِتْمَامِ ثَمَّةَ وَبَيْنَ الْعَوْدِ، وَوَجْهُ التَّخْيِيرِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ قِلَّةَ الْمَشْيِ، وَفِي الثَّانِي أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَخْتَارُ أَيًّا شَاءَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ إمَامُهُ (عَادَ) إلَى مَكَانِهِ قَطْعًا (كَذَا)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) أَقُولُ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْفَسَادُ اهـ.

وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ حَالَ الْإِمَامِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَبُو عِصْمَةَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّهُ كَالْمُنْفَرِدِ لِفَسَادِ اسْتِخْلَافِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا إذَا حَصِرَ) بِوَزْنِ تَعِبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا الْعَيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَفِي النِّهَايَةِ ضَمُّ الْحَاءِ فِيهِ خَطَأٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُصِرَ عَلَى فُعِلَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ حَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمَعْنَاهُ حُبِسَ وَمُنِعَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِسَبَبِ خَجَلٍ أَوْ خَوْفٍ بِالْوَجْهَيْنِ حَصَلَ لِي السَّمَاعُ وَبِهِمَا صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ وَرَدَتْ اللُّغَتَانِ أَيْضًا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ كَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا إنْكَارُ الْمُطَرِّزِيِّ ضَمَّ الْحَاءِ فَهُوَ فِي مَكْسُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجِيءُ لَهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إلَّا فِي مَفْتُوحِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ يَجُوزُ بِنَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا) أَقُولُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ هَلْ تَبْطُلُ أَوْ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ جَازَ أَيْ الِاسْتِخْلَافُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يُجْزِيهِمْ اهـ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ بَلْ يُتِمُّهَا بِدُونِ الْقِرَاءَةِ كَالْأُمِّيِّ إذَا أَمَّ أُمِّيِّينَ وَنَسَبَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ إلَى السَّهْوِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ قُلْت وَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ عِنْدَهُمَا تَبِعَهُ فِيهِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا عَنْ شَيْخِهِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ) أَقُولُ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ بِصِيغَةِ قِيلَ ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي فَتْحِ الْمُصَلِّي عَلَى إمَامِهِ بِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ قَرَأَ الْإِمَامُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا فَكَذَلِكَ هُنَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ مُطْلَقًا اهـ قُلْت يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى كَتَبْت فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا حُصِرَ فَاسْتَخْلَفَ بَعْدَ مَا قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ صَلَاتُهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمْ أَذْكُرْ أَنَّهُ هَلْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ؛ لِأَنِّي كَتَبْت فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَمَلٌ كَثِيرٌ يُفْسِدُ فَيُفْسِدُ هَذَا أَيْضًا فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ نَفْسَ الْفَتْحِ لَا يُفْسِدُ فَلَا يُفْسِدُ أَيْضًا هُنَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ فَلَوْ أَفْسَدَ إنَّمَا يُفْسِدُ لَا؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَكِنْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَهُنَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلَا تَفْسُدُ اهـ.

(قُلْت) وَلِلِاحْتِيَاجِ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ أَوْ الْمَسْنُونِ مِنْ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقِرَاءَةِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْحَصْرُ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ الْأُولَى، وَقَدْ قَرَأَ فِيهِمَا مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ مَا تَجُوزُ بِهِ ثُمَّ حُصِرَ فِيهَا جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا خِلَافٍ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَيَتَوَضَّأُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرِ سُنَنِ الْوُضُوءِ، وَقِيلَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً، وَإِنْ زَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِي كَشْفِ الْعَوْرَةِ لِلْوُضُوءِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ الْمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ أَنَّ الِاسْتِقَاءَ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَيَبْنِي) أَقُولُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ كَالْمُنْفَرِدِ فَإِنَّهُ أَيْضًا مُخَيَّرٌ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأَفْضَلَ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُقْتَدِي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْعَوْدُ أَفْضَلُ لِيَكُونَ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَالْفَضْلِيِّ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَقِيلَ فِي مَنْزِلِهِ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْمَشْيِ قَالَ الْأَكْمَلُ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا، وَذَكَرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْعَوْدَ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ مَشَى بِلَا حَاجَةٍ.

وَقَالَ الْكَمَالُ وَالصَّحِيحُ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ لَمْ يَفْرُغْ إمَامُهُ عَادَ إلَى مَكَانِهِ قَطْعًا) أَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ عَيْنِ مَكَانِهِ بَلْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا فِيهِ حَتَّى لَوْ أَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ فِي مَوْضِعِ وُضُوئِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِيمَا هُوَ حُكْمُ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ جَازَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَوْدُ إلَى مُصَلَّاهُ وَإِذَا عَادَ قَالَ الْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ فَإِنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ فِي حَالِ اشْتِغَالِهِ بِالْوُضُوءِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقْضِيَ آخِرَ صَلَاتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُتَابِعَ الْإِمَامَ ثُمَّ يَقْضِيَ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ خِلَافًا لِزُفَرَ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ قُلْت وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>