للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَشِرَاؤُهُ بِالتَّعَاطِي) قَيَّدَ بِهِ لِظُهُورِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِصَرِيحِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (وَالْمُكْثُ قَدْرَ) أَدَاءِ (رُكْنٍ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ إلَّا إذَا كَانَا) أَيْ الْحَدَثُ وَالْمُكْثُ (نَائِمًا) أَيْ فِي حَالِ نَوْمِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ (وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَ) تَجَاوُزُ (الصُّفُوفِ فِي غَيْرِهِ) كَالصَّحْرَاءِ (بَعْدَ مَا ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ ثُمَّ ظَهَرَ طُهْرُهُ، وَلَوْ عَمِلَ) عَمْدًا (بَعْدَ التَّشَهُّدِ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ تَمَّتْ) الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ (وَلَوْ وُجِدَ) مُنَافِي الصَّلَاةِ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

ابْنَ أَمِيرِ حَاجٍّ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْمَعِ نَقَلَ الْفَرْعَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ قُلْت فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِطَلَبِ الْمَاءِ بِالْإِشَارَةِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ بِالْإِشَارَةِ وَعَلِمْت مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَشِرَاؤُهُ بِالتَّعَاطِي) أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى أَحَدِ تَفْسِيرَيْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ اهـ.

وَمُجَاوَزَتُهُ مَاءً وَلَا عُذْرَ لَهُ تُفْسِدُ أَمَّا لَوْ جَاوَزَ مَاءً يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ لِضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ لِعَدَمِ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ أَوْ كَانَ بِئْرًا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِقَاءِ مِنْهُ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ أَوْ كَانَ بِبَيْتِهِ فَجَاوَزَهُ نَاسِيًا لِاعْتِيَادِهِ الْوُضُوءَ مِنْ الْحَوْضِ لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ قَيَّدَ بِهِ لِظُهُورِ فَسَادِ الصَّلَاةِ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صَرِيحُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَقَدْ فَسَدَتْ فَمَعَهُمَا أَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ وَالصُّفُوفُ فِي غَيْرِهِ كَالصَّحْرَاءِ) أَقُولُ كَالصَّحْرَاءِ مِثَالٌ لِلْغَيْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَيْرَ شَامِلٌ لِلْجَبَّانَةِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ، كَذَا رَوَى أَبِي يُوسُفَ اهـ.

وَمَكَانُ الصُّفُوفِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ مِنْ قُدَّامِهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سُتْرَةٌ يَعْتَبِرُ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالْحَدُّ السُّتْرَةُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سُتْرَةٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ أَنْ يَعْتَبِرَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدِ ذَلِكَ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالصَّحِيحُ هُوَ التَّقْدِيرُ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِنَاءٌ أَوْ سُتْرَةٌ فَإِنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ ذَلِكَ اهـ.

وَإِنْ اسْتَخْلَفَ هَذَا الظَّانُّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي نَصْرٍ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فِي الصَّحْرَاءِ فَحَدُّهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ، وَقِيلَ مِقْدَارُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمَرْأَةُ إنْ نَزَلَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلِهَذَا تَعْتَكِفُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ مَا ظَنَّ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِانْصِرَافَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ لِسَبْقِ الْحَدَثِ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَلَا تَفْسُدُ حَتَّى يَخْرُجَ أَمَّا لَوْ انْصَرَفَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ أَنْ مُدَّةَ مَسْحِهِ انْقَضَتْ أَوْ ظَنَّ سَرَابًا مَاءً أَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّهَا نَجَاسَةً فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ نَقَلَ الْكَاكِيُّ عَنْ جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ وَالنَّازِلِيِّ أَنَّ الْغَازِيَ لَوْ ظَنَّ حُضُورَ الْعَدُوِّ فَانْصَرَفَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ لَمْ تَفْسُدْ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ اهـ.

وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الظَّانَّ يُتِمُّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِقْبَالُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ الْكَمَالُ عَنْ النِّهَايَةِ هِيَ أَيْ الرِّوَايَةُ فِيمَا إذَا كَانَ بَابُ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ وَهُوَ يَمْشِي مُتَوَجِّهًا لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ تَمَّتْ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْجُلُوسُ قَدْرَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ الْإِتْيَانُ بِالتَّشَهُّدِ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَامِ الصِّحَّةُ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِتَرْكِهِ وَاجِبًا مِنْهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ تَمَّتْ صَحَّتْ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَّتْ صَلَاتُك أَيْ قَارَبَتْ التَّمَامَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُسَمَّى بِاسْمِ مَا قَرُبَ إلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] وَأَمْثَالُهُ قُلْت وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ إعَادَتِهَا.

وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ تَجِبُ إعَادَتُهَا لِنَقْصِهَا بِتَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ وَحْدَهُ اهـ.

وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ تَجِبُ إعَادَتُهَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا إنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْكَانِ. اهـ.

قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ لَهُ مَا قَالَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَالْبَحْرِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِهَا الْإِعَادَةَ عَلَى الْإِعَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْكَانِ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إعَادَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَكْمَلُ وَالْكَمَالُ لِحَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ مِنْ الْحَمْلِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بَعْدَ هَذَا فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَتُعَادُ أَيْ الصَّلَاةُ الْمَكْرُوهَةُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ اهـ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ كَمَا إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ اهـ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.

(قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ) أَيْ، وَقَدْ وُجِدَتْ أَرْكَانُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ مُنَافِي الصَّلَاةَ بَعْدَهُ بِلَا صُنْعِهِ بَطَلَتْ. . . إلَخْ) أَقُولُ فِي الْبُرْهَانِ الْأَظْهَرُ قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ وَالْقَوْلُ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ بِالصُّنْعِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ تَخْرِيجُ الْبَرْدَعِيِّ وَرَدَّهُ الْكَرْخِيُّ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِفِعْلِهِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ إنَّمَا هُوَ حَمْلٌ مِنْ الْبَرْدَعِيِّ لَمَّا رَأَى خِلَافَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ غَلَطٌ ذَكَرَ وَجْهَهُ الْكَمَالُ وَالْبُرْهَانُ وَغَيْرُهُمَا.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ ثُمَّ بَيَّنْتُ فِي رِسَالَتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>