يُسْنِدَا إلَى شَخْصَيْنِ، وَفِيمَا إذَا أَسْنَدَا إلَى شَخْصٍ وَجْهٌ أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْخَارِجُ دَعْوَى الْمِلْكِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً، وَقَالَ الدَّاخِلُ: هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك، وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَالدَّاخِلُ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ الْخَارِجُ: هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي، وَقَالَ الدَّاخِلُ: اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيك فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ الصُّورَةُ فَقَالَ الْخَارِجُ: مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ فَالْخَارِجُ أَوْلَى لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ اشْتَرَيْته مِنْك وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَخَفِيَ التَّارِيخُ فَالدَّاخِلُ أَوْلَى، وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكِي الدَّاخِلُ غَصَبَهَا مِنِّي أَوْ قَالَ: أَجَّرْتهَا لَهُ وَأَوْدَعْتهَا وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ فَالْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ.
وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ.
(السَّبَبُ الثَّالِثُ) التَّارِيخُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ زَيْدٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ مِنْ سَنَةٍ وَبَيِّنَةُ عَمْرٍو أَنَّهُ مِلْكُهُ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْمَذْهَبُ تَقْدِيمُ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَيُطْرَدُ الْخِلَافُ فِي النِّكَاحِ وَفِيمَا إذَا تَعَارَضَتَا مَعَ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ بِأَنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَمْرٍو مُنْذُ سَنَتَيْنِ، وَلَوْ نَسَبَا الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَالسَّابِقُ أَوْلَى بِلَا خِلَافٍ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَقَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُخْتَلِفَتَا التَّارِيخِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَسْبَقَ قُدِّمَتْ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَسْبَقَ فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْ السَّبَقَ مُرَجَّحًا قُدِّمَ الدَّاخِلُ قَطْعًا، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُرَجَّحًا فَكَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ.
هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَقَدْ تَوَهَّمَ أَنَّ سَبْقَ التَّارِيخِ لَا أَثَرَ لَهُ مَعَ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْنَدَ الْمِلْكُ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا فَيَقْتَضِي هَذَا أَنْ نُقَدِّمَ صَاحِبِ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَسْبَقَ تَارِيخًا وَنُسِبَتْ الْمِلْكُ إلَى الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ لَوْ نَسَبْنَا الْعَقْدَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فَالسَّابِقُ أَوْلَى بِلَا خِلَافٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا.
هَذَا وَجْهُ الْإِشْكَالِ فَإِنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ إذَا كَانَتْ أَسْبَقَ تَارِيخًا زِيَادَةَ عِلْمٍ فَلِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute