لَا تَثْبُتُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته مِنْك وَقَدْ جَزَمَ فِيهَا بِالْقَبُولِ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ وَهَذَا مِثْلُهُ؛ هَذَا إذَا كَانَتْ بَيِّنَتَانِ كَامِلَتَانِ وَفِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ نَظَرٌ آخَرُ لِكَوْنِهِ أَضْعَفَ، وَنَظَرْت كَلَامَ غَيْرِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا وَبَحَثْنَا فِيهَا فِي الدَّرْسِ أَيَّامًا وَاسْتَشْكَلَ كُلُّ الْحَاضِرِينَ تَقْدِيمَ صَاحِبِ الْيَدِ فِي هَذِهِ، وَصَمَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَّا تَقْدِيمَ الْخَارِجِ وَلَمْ يُصَمِّمْ الْبَاقُونَ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ عَسُرَ عَلَيْهِمْ الْجَوَابُ فَفَكَّرَتْ فِي ذَلِكَ وَظَهَرَ لِي مَا أَرْجُو بِهِ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ أَنَّ هَاهُنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ:
(إحْدَاهَا) أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْآنَ صَاحِبُ الْيَدِ بِأَنَّ الدَّارَ كَانَتْ بِيَدِ الزَّوْجِ عِنْدَ التَّعْوِيضِ أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَيَقْضِي لِلْمَرْأَةِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلزَّوْجِ وَيَدُ الْمُشْتَرِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى إلَّا الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ عَقْدُ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا وَبِعَدَمِهَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ حُدُوثُهَا فَإِذَا عَلِمْنَا حُدُوثَهَا فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأَوْلَى.
(الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) أَنْ لَا يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ وَلَا تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِهِ لَكِنْ تَشْهَدُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّ الزَّوْجَ بَاعَهَا لَهُ وَهِيَ مِلْكُهُ، وَتَشْهَدُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الزَّوْجَ عَوَّضَهَا إيَّاهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَلَا نَتَعَرَّضُ لِلْيَدِ فَهَاهُنَا الْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ وَيُقَدَّمُ صَاحِبُ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا نَعْلَمُ حُدُوثَهَا فَنَسْتَصْحِبُهَا فِي الْمَاضِي إلَى زَمَانِ التَّعْوِيضِ، وَبَيِّنَةُ التَّعْوِيضِ لَوْ انْفَرَدَتْ لَكَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَيْهَا لَكِنْ عَارَضَتْهَا بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ الْمُزَوِّجِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَيَدُ الْمُشْتَرِي مُرَجَّحَةٌ.
وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ أَوْ الرَّجُلِ شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَإِنَّا نُقَدِّمُ صَاحِبَ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ، نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدًا وَيَمِينًا هَلْ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَهُوَ نَظَرٌ لَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى تَحْقِيقِهِ.
(الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا لَمْ تَعْتَرِفْ بَيِّنَةٌ سَابِقَةٌ وَلَا قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَإِنَّمَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ بِالتَّعْوِيضِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ فَهُنَا نُقَدِّمُ صَاحِبَ الْيَدِ بِلَا إشْكَالٍ فِي ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَهَذَا تَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا كَثِيرٌ، وَقَلِيلٌ مَنْ يُحَرِّرُهَا بَلْ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا يُحَرِّرُهَا وَلَا هِيَ مَسْطُورَةٌ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute