للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَأَمَّا الْأَمْلَاكُ فَلَا يَحْصُلُ فِيهَا هَذَا.

إذَا عَرَفْت هَذَا فَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ شَهِدَتْ بِالْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَشَهَادَتُهَا بِالْحَالَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْمِلْكِ إمَّا مُمْتَنِعٌ أَوْ بَعِيدٌ فَإِنْ أَمْكَنَ إذَا أَطْلَقَتْ وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ بِالْحَالَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ بِالْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَارُضُ فَلَا يُنْقَضُ بِهَا الْحُكْمُ قَطْعًا، وَإِنْ أَمْكَنَ وَفَصَّلَتْ فِي غَيْرِ صُورَتِنَا وَحَصَلَ التَّعَارُضُ فَهُوَ تَعَارُضٌ مُجَرَّدٌ لَا تَرْجِيحَ مَعَهُ فَلَيْسَ نَقْضُ الْحُكْمِ بِالثَّانِيَةِ أَوْلَى مِنْ اسْتِمْرَارِهِ بِالْأُولَى.

فَإِنْ قُلْت: الْحَاكِمُ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا. قُلْت وَكَذَلِكَ إذَا حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَمَارَةٍ سَالِمَةٍ عَنْ الْمُعَارِضِ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ أَمَارَةٌ أُخْرَى مُعَارِضَةٌ فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهَا وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ يَسْتَمِرُّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّلَامَةُ عَنْ الْمُعَارِضِ وَقْتَ الْحُكْمِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي صُورَةَ التَّقْوِيمِ وَصُورَةَ الْأَمَارَةِ.

فَإِنْ قُلْت: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ نَحْكُمْ. قُلْنَا: نَعَمْ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ مَعَ الشَّكِّ وَكَذَلِكَ لَا يُنْقَضُ مَعَ الشَّكِّ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَبْقَى مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ؟

قُلْت: لَا نَعْتَقِدُ ذَلِكَ بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ الشَّكَّ بِمُقْتَضَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ قُلْت: أَتَقُولُونَ بِالتَّعَارُضِ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ، وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ التَّقْوِيمَ اجْتِهَادِيٌّ وَقَدْ يَكُونُ مَنْ شَهِدَ بِالْأَقَلِّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ لُزُومُ الْأَقَلِّ لِتَيَقُّنِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزَّائِدِ وَهُمَا مُتَعَارِضَانِ فِيهِ، وَمُقْتَضَى الثَّانِيَةِ إنَّمَا يُثْبِتُ أَنَّ قِيمَتَهُ الْأَقَلُّ، وَعَنْ الْحَاوِي وَالنِّهَايَةِ فِيمَا إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ قِيمَتَهُ سُدُسٌ وَآخَرُ أَنَّ قِيمَتَهُ رُبُعٌ ثَبَتَ السُّدُسُ وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِ الرُّبُعِ وَيَسْتَحِقُّهُ؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَالثَّانِي لَا لِلتَّعَارُضِ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَثْبُتَ الْأَكْثَرُ فِي صُورَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا نَعْرِفُ مَنْ قَالَ بِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّعَارُضُ أَوْ ثُبُوتُ الْأَقَلِّ.

فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَارُضِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَمْ نَحْكُمْ بِإِثْبَاتِ الزَّائِدِ وَلَا نَفْيِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْقِيمَةُ هِيَ الْأَقَلُّ حَكَمْنَا بِنَفْيِهِ وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُ مَنْ صَرَّحَ بِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>