فِي التَّعْلِيقَةِ الْأُصُولِيَّةِ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي زِيَادَةِ الرَّاوِي أَنَّهُ لَوْ قَوَّمَ اثْنَانِ السِّلْعَةَ بِثَمَانِيَةٍ وَقَوَّمَهَا آخَرَانِ بِعَشَرَةٍ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُمَا تَعَارَضَا فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. قُلْت: وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْأُسْتَاذِ صَرِيحٌ فِي التَّعَارُضِ.
فَإِنْ قُلْت: لَوْ حَصَلَ هَذَا التَّعَارُضُ قَبْلَ الْبَيْعِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ؟ قُلْت: أَمَّا فِي الْبَيْعِ
لِلْغِبْطَةِ وَالْمَصْلَحَةِ
فَلَا لِانْتِفَائِهَا حِينَئِذٍ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ لِلْحَاجَةِ فَإِنْ قُلْنَا: الْأَقَلُّ هُوَ الْقِيمَةُ جَازَ الْبَيْعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ بِأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ: الْأَقَلُّ هُوَ الْقِيمَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ حَتَّى تَثْبُتَ الْقِيمَةُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَصِحُّ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَلَمْ نَجِدْ مَنْدُوحَةً عَنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ ضَرُورَةُ الْيَتِيمِ إلَى طَعَامٍ لَا نَجِدُهُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْعَيْنِ فَكَيْفَ تُوجَدُ ضَرُورَتُهُ مِنْ الشَّكِّ فِي الْقِيمَةِ.
فَإِنْ قُلْت: لَوْ دَعَتْ الْحَاجَةُ أَوْ الضَّرُورَةُ لِلْيَتِيمِ إلَى بَيْعِهِ بِدُونِ الْقِيمَةِ الْمُحَقَّقَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَشْتَرِي بِهَا مَعَ الضَّرُورَةِ الْحَاقَّةِ لِلْبَيْعِ. قُلْت: هَاهُنَا يَقْوَى الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْبَيْعِ وَهَذَا حَيْثُ لَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ الْبَيْعِ لَا شَكَّ عِنْدِي فِيهِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْعِلْمُ لِلَّهِ تَعَالَى.
فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ تَثْبُتُ الْقِيمَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا تُسْمَعُ بَعْدَ الدَّعْوَى؟ قُلْت: إمَّا بِأَنْ يَكُونَ غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْحَيْلُولَةِ، وَإِمَّا بِأَنْ يُقَالَ: شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْقِيمَةِ مَقْبُولَةٌ وَإِمَّا بِأَنْ يَنْذُرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ بِجُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ فَيَدَّعِيَ الْفَقِيرُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ نَحْكُمُ أَنَّ قِيمَتَهَا أَلْفٌ وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطُّرُقِ.
فَإِنْ قُلْت: لَوْ حَصَلَ التَّعَارُضُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ. قُلْت: يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ يُنَبَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ كُلُّ بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ قَيِّمِ يَتِيمٍ فِي حَالَةٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهَا يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ وَكُلُّ بَيْعٍ صَدَرَ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ فِيهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاكِمِ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ لَا يُبْطِلُهُ بَلْ يُمْضِيهِ وَيَحْمِلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى السَّدَادِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ، وَأَعْنِي بِالْإِمْضَاءِ أَنَّهُ يُثْبِتُهُ وَيَحْكُمُ بِمُوجَبِهِ وَيُلْزِمُ بِهِ. وَلَكِنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي بِحَسَبِ الْعَادَةِ ثُبُوتَ الشُّرُوطِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَإِنَّمَا قُلْت: بِحَسَبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدِي نَظَرًا فِي وُجُوبِهِ بِحَسَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute