الْمُرْجِئَةِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَذَهَبَتْ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ فِي كُلِّ مَنْ قَامَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قُرَشِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا أَوْ ابْنَ زِنْجِيَّةٍ بَغِيَّةٍ.
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ إذَا اجْتَمَعَ قُرَشِيٌّ وَحَبَشِيٌّ وَكِلَاهُمَا قَائِمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ تَقْدِيمُ الْحَبَشِيِّ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخَلْعِهِ إذَا حَادَ عَنْ الطَّرِيقَةِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَذَاهِبُ بَاطِلَةٌ إلَّا الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فِي قُرَيْشٍ كُلِّهَا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِاخْتِصَاصِهَا بِوَلَدِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَطَائِفَةٌ قَالُوا: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اتَّفَقُوا عَلَى ظُلْمِ عَلِيٍّ وَكِتْمَانِ ذَلِكَ النَّصِّ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الرَّوَافِضُ.
وَطَائِفَةٌ قَالُوا: لَمْ يَنُصَّ عَلَى عَلِيٍّ لَكِنَّهُ كَانَ أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الزَّيْدِيَّةُ نُسِبُوا إلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّيْدِيَّةُ فَفِرْقَةٌ قَالُوا: إنَّ الصَّحَابَةَ ظَلَمُوهُ فَكَفَرُوا وَفِرْقَةٌ قَالُوا: لَمْ يَظْلِمُوهُ لَكِنْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِتَسْلِيمِ حَقِّهِ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَأَنَّهُمَا إمَامَا هُدًى، وَوَقَفَ بَعْضُهُمْ فِي عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَوَلَّاهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: إنَّهُ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ عَمِيدُ الرَّافِضَةِ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمِيزَانِ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَسَنِ بْنُ حَيٍّ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ أَنَّ الْإِمَامَةَ كَانَتْ فِي جَمِيعِ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ وَفِهْرُ بْنُ مَالِكٍ هُوَ قُرَيْشِيٌّ وَكُلُّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: هُمْ وَلَدُ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ وَهِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَدْرَكَ الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ وَشَاهَدَهُ وَكَانَ جَارَهُ بِالْكُوفَةِ فَهُوَ مِنْ أَعْرَفِ النَّاسِ بِهِ، وَأَعْلَمُ بِهِ مِمَّنْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحْتَجُّ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهِ بِمُعَاوِيَةَ وَبِابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هَذَا مَشْهُورٌ عَنْهُ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ عَنْهُ.
وَجَمِيعُ الزَّيْدِيَّةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الْإِمَامَةَ فِي جَمِيعِ بَنِي عَلِيٍّ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ يَدْعُو إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَبَ حَمْلُ السَّيْفِ مَعَهُ.
وَقَالَتْ الرَّوَافِضُ بِانْتِقَالِهَا مِنْ عَلِيٍّ إلَى الْحَسَنِ ثُمَّ الْحُسَيْنِ ثُمَّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ثُمَّ الْبَاقِرِ ثُمَّ الصَّادِقِ وَهَذَا مَذْهَبُ جَمِيعِ مُتَكَلِّمِيهِمْ كَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَهِشَامٍ الْجَوَالِيقِيِّ وَدَاوُد الْحَوَارِيِّ وَدَاوُد الرَّقِّيِّ وَعَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute