الرَّفْضِ وَتَقْدِيمِهِ عَلِيًّا وَاعْتِقَادِهِ بِجَهْلِهِ أَنَّهُمَا ظَلَمَاهُ وَهُمَا مُبَرَّآنِ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ يَعْتَقِدُ بِجَهْلِهِ أَنْ يَنْتَصِرَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِقَرَابَتِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَفْظُ الْحَدِيثِ لَمْ يَقْتَضِ كُلَّ فَرْدٍ وَالْمَعْنَى الْمُعَلَّلُ بِهِ لَمْ يَقْتَضِ كُلَّ فَرْدٍ.
فَهَذَا وَجْهُ التَّرَدُّدِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى «مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا فَاجْلِدُوهُ» إنْ صَحَّ فَهُوَ نَصٌّ فِي الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْجَلْدُ لَا شَكَّ فِيهِ كَبِيرًا كَانَ ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ كَانَ سَبُّهُ لِعَيْنِهِ وَأَمْرٍ خَاصٍّ بِهِ لَا يَعُودُ عَلَى الدِّينِ بِنَقْصٍ، وَأَمَّا الرَّافِضِيُّ فَإِنَّهُ يُبْغِضُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِمَا اسْتَقَرَّ فِي ذِهْنِهِ بِجَهْلِهِ وَمَا نَشَأَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ عَنْ اعْتِقَادِهِ ظُلْمَهُمَا لِعَلِيٍّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا عَلِيٌّ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَاعْتِقَادُ الرَّافِضِيِّ ذَلِكَ يَعُودُ عَلَى الدِّينِ بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ هُمَا أَصْلٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا مَأْخَذُ التَّكْفِيرِ بِبُغْضِ الرَّافِضَةِ لَهُمَا وَسَبِّهِمْ لَهُمَا وَقَدْ رَأَيْت فِي الْفَتَاوَى الْبَدِيعِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ قَسَّمَ الرَّافِضَةَ إلَى كُفَّارٍ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي بَعْضِ طَوَائِفِهِمْ وَفِيمَنْ أَنْكَرَ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُكَفَّرُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إنْكَارُ الْإِمَامَةِ دُونَ السَّبِّ.
وَرَأَيْت فِي الْمُحِيطِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الرَّافِضَةِ ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى خِلَافَتِهِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كُتُبِهِمْ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَنْكَرَ خِلَافَةَ الصِّدِّيقِ فَهُوَ كَافِرٌ. وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى: وَالرَّافِضِيُّ الْغَالِي الَّذِي يُنْكِرُ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ.
وَفِي الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ صَاحِبِ هَوًى وَبِدْعَةٍ وَلَا تَجُوزُ خَلْفَ الرَّافِضِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ هَوًى يُكَفَّرُ بِهِ لَا تَجُوزُ وَإِلَّا تَجُوزُ وَتُكْرَهُ، وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ لِابْنِ بَلَدْجِيٍّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: وَسَبُّ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَبُغْضُهُ لَا يَكُونُ كُفْرًا لَكِنْ يُضَلَّلُ فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُكَفِّرْ شَاتِمَهُ حَتَّى لَمْ يَقْتُلْهُ.
وَقَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْخِيَارِيُّ فِي عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ كَانَ يَغْصِبُ الْحَقَّ أَهْلَهُ وَيَسْتَوْلِي عَلَى مَا كَانَ غَيْرُهُ أَحَقَّ بِهِ ظُلْمًا مِنْهُ وَعُتُوًّا وَيُزَوِّجُ ابْنَتَهُ قَهْرًا أَبَى أَوْ شَاءَ فَقَدْ أَصَرَّ بِالْقَتْلِ إذْ لَا دَاءَ أَعْظَمُ مِنْ الْعِنَادِ، وَفِي الْفَتَاوَى الْبَدِيعِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ مَنْ أَنْكَرَ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ كَافِرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُبْتَدِعٌ، وَالصَّحِيحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute