أَنَّهُ كَافِرٌ.
وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ فِي بَابِ اخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ: وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا فُسِّقَ، وَأَمَّا مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحُسَيْنَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُكَفَّرُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ اجْتَمَعَتْ عَلَى إمَامَتِهِمْ.
وَالثَّانِي: يُفَسَّقُ وَلَا يُكَفَّرُ.
وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لَا يُقْطَعُ بِتَخْلِيدِهِمْ فِي النَّارِ وَهَلْ يُقْطَعُ بِدُخُولِهِمْ النَّارَ؟ وَجْهَانِ قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ الْمَالِكِيُّ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ يُسْتَتَابُونَ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَارَبِ، وَفَسَادُ الْمُحَارَبِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِي أُمُورِ الدِّينِ مِنْ سُبُلِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَفَسَادُ أَهْلِ الْبِدَعِ مُعْظَمُهُ عَلَى الدِّينِ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا بِمَا يُلْقُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْعَدَاوَةِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَشْعَرِيِّ فِي التَّكْفِيرِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَرْكِ التَّكْفِيرِ قَالَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْكُفْرَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْجَهْلُ بِوُجُودِ الْبَارِئِ تَعَالَى، قَالَ: وَسَمَتْهُ الرَّافِضَةُ بِالشِّرْكِ وَإِطْلَاقِهِ اللَّعْنَةَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخَوَارِجُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ، وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُ عَنْهَا بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِثْلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ الْكُفْرِ عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيظِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ وَإِشْرَاكٍ دُونَ إشْرَاكٍ.
وَقَوْلُهُ فِي الْخَوَارِجِ: اُقْتُلُوهُمْ عَادَ يَقْتَضِي الْكُفْرَ، وَالْآخَرُ يَقُولُ: إنَّهُ حَدٌّ لَا كُفْرٌ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَغْيِهِمْ عَلَيْهِمْ وَذِكْرٌ عَامٌّ وَسَبَبُهُ الْقَتْلُ وَحُكْمُهُ لَا لِلْمَقْتُولِ قَالَ جَهْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ شَبِيبٍ: الْكُفْرُ بِاَللَّهِ الْجَهْلُ بِهِ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْهُذَيْلِ: كُلُّ مُتَأَوِّلٍ كَانَ تَأْوِيلُهُ تَشْبِيهًا لِلَّهِ بِخَلْقِهِ وَتَجْوِيرًا لَهُ فِي فِعْلِهِ وَتَكْذِيبًا بِخَبَرِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَكُلُّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا قَدِيمًا لَا يُقَالُ لَهُ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ إنْ كَانَ مِمَّا عَرَفَ الْأَصْلَ وَبَنَى عَلَيْهِ وَكَانَ فِيمَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَهُوَ فَاسِقٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَصْلَ فَهُوَ مُخْطِئٌ غَيْرُ كَافِرٍ، وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ دَافَعَ نَصَّ الْكِتَابِ أَوْ خَطَّأَ حَدِيثًا مُجْمَعًا عَلَى نَقْلِهِ مَقْطُوعًا بِهِ مُجْمَعًا عَلَى ظَاهِرِهِ كَتَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ بِإِبْطَالِ الرَّجْمِ، وَكَذَلِكَ نَقْطَعُ بِتَكْفِيرِ كُلِّ قَائِلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute