قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَضْلِيلِ الْأُمَّةِ وَتَكْفِيرِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ كَقَوْلِ الْكَامِلِيَّةِ مِنْ الرَّافِضَةِ بِتَكْفِيرِ جَمْعِ الْأُمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُمْ أَبْطَلُوا الشَّرِيعَةَ بِانْقِطَاعِ نَقْلِهَا، وَإِلَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَشَارَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يُقْتَلُ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَمَّا مَنْ أَنْكَرَ مَا عُرِفَ بِالتَّوَاتُرِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى إنْكَارِ قَاعِدَةٍ مِنْ الدِّينِ كَإِنْكَارِ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ مُؤْتَةَ أَوْ وُجُودِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَتْلِ عُثْمَانَ وَخِلَافَةِ عَلِيٍّ مِمَّا عُلِمَ بِالنَّقْلِ ضَرُورَةً وَلَيْسَ فِي إنْكَارِهِ جَحْدُ شَرِيعَتِهِ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْفِيرِهِ بِجَحْدِ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُبَاهَتَةِ كَإِنْكَارِ هِشَامٍ وَعَبَّادٍ وَقْعَةَ الْجَمَلِ وَمُحَارَبَةَ عَلِيٍّ مَنْ خَالَفَهُ فَإِنَّ ضَعْفَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ تُهْمَةِ النَّاقِلِينَ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعَ فَتَكْفِيرُهُ لِسَرَيَانِهِ إلَى إبْطَالِ الشَّرِيعَةِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: الْكُفْرُ بِاَللَّهِ الْجَهْلُ بِوُجُودِهِ وَلَا يُكَفَّرُ بِقَوْلٍ وَلَا رَأْيٍ إلَّا إذَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا مِنْ كَافِرٍ وَيَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُكَفَّرُ لَيْسَ لِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ لَكِنْ لِمَا يُقَارِنُهُ مِنْ الْكُفْرِ فَالْكُفْرُ بِاَللَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْجَهْلِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. الثَّانِي: أَنْ يَأْتِيَ مِمَّا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ كَافِرٍ كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ وَالْمَشْيِ إلَى الْكَنَائِسِ بِالزُّنَّارِ مَعَ أَهْلِهَا أَوْ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَوْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ، وَمَنْ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ أَوْ الرِّسَالَةَ أَوْ النُّبُوَّةَ أَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَالِقَهُ أَوْ رَبَّهُ فَلَا خِلَافَ فِي كُفْرِهِ وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَكِنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ عَظِيمِ النَّكَالِ وَلَا يُرِقُّهُ عَنْ شَدِيدِ الْعِقَابِ لِيَكُونَ زَجْرًا لِمِثْلِهِ، وَالسَّكْرَانُ كَالصَّاحِي وَأَمَّا الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ فَمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَ فِي غَمْرَتِهِ وَذَهَابِ تَمَيُّزِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا نَظَرَ فِيهِ وَمَا فَعَلَهُ فِي حَالِ مَيْزِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَقْلُهُ وَسَقَطَ تَكْلِيفُهُ أُدِّبَ عَلَى ذَلِكَ لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ كَمَا يُؤَدَّبُ عَلَى قَبَائِحِ الْأَفْعَالِ حَتَّى يَنْكَفَّ عَنْهُ كَمَا تُؤَدَّبُ الْبَهِيمَةُ عَلَى سُوءِ الْخُلُقِ حَتَّى تُرَاضَّ.
عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُعَظِّمَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَلَّمَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ إلَّا فِيمَا يَتَّصِلُ بِطَاعَتِهِ وَيَقُولُ: جُزِيت خَيْرًا، وَقَلَّمَا يَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ إعْظَامًا لِاسْمِ اللَّهِ أَنْ يُمْتَهَنَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ يَعِيبُ عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ كَثْرَةَ خَوْضِهِمْ فِيهِ تَعَالَى وَفِي صِفَاتِهِ إجْلَالًا لِاسْمِهِ تَعَالَى وَيَقُولُ: هَؤُلَاءِ يَتَمَنْدَلُونَ بِاَللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ. وَيُنَزَّلُ الْكَلَامُ فِي هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute