للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْرَقْتُ فَأَنَّمَا جَعَلُوهَا عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمْ الْعَيْنَ وَإِسْكَانِهِمْ إيَّاهَا كَمَا جَعَلُوا ثَلَاثِينَ وَأَلِفَ ثَمَانٍ عِوَضًا وَجَعَلُوا الْهَاءَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّهَا تُزَادُ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ جَعَلُوا الْعِوَضَ السِّينَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فَلَمَّا كَانَتْ السِّينُ تُزَادُ فِي الْفِعْلِ زِيدَتْ فِي الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ الَّتِي تُزَادُ فِي الْفِعْلِ، وَجَعَلُوا الْهَاءَ بِمَنْزِلَتِهَا لَا تَلْحَقُ الْفِعْلَ فِي قَوْلِهِمْ ارْمِهِ وَعِهْ وَنَحْوِهِمَا. انْتَهَى كَلَامُ سِيبَوَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

قَالَ: وَفِي بَابِ حُرُوفِ الْبَدَلِ وَقَدْ أُبْدِلَتْ يَعْنِي الْهَاءَ مِنْ الْهَمْزَةِ فِي هَرَقْت. وَاشْتَمَلَ كَلَامُ سِيبَوَيْهِ عَلَى ثَلَاثِ لُغَاتٍ أَرَاقَ وَهَرَاقَ وَإِهْرَاقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَخِيرَةَ بِفَتْحِ الْهَاءِ أَوْ بِإِسْكَانِهَا لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: إنَّهَا نَظِيرُ اسْتَطَاعَ أَنَّهَا بِإِسْكَانِهَا، وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ مُقَيَّدَةً بِالْخَطِّ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ وَهِيَ أَهْرَقَ فَحَكَاهَا الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ: أَهْرَقَ الْمَاءَ يُهْرِقُهُ إهْرَاقًا عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ قَالَ سِيبَوَيْهِ قَدْ أَبْدَلُوا مِنْ الْهَمْزَةِ الْهَاءَ ثُمَّ أُلْزِمَتْ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ ثُمَّ أُدْخِلَتْ الْأَلْفُ بَعْدُ عَلَى الْهَاءِ أَوْ تُرِكَتْ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمْ حَرَكَةَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ أَهْرَقَ أَرْيَقَ. انْتَهَى كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ فِي بَابِ شَوَاذِّ التَّصْرِيفِ قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا: الْمَاءُ ثُمَّ أَبْدَلُوا مِنْ الْهَمْزَةِ هَاءً فَقَالُوا: هَرَقْت، ثُمَّ قَالَ سِيبَوَيْهِ: ثُمَّ لَزِمَتْ الْهَاءَ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ ثُمَّ أُدْخِلَتْ الْأَلْفُ بَعْدُ عَلَى الْهَاءِ وَتُرِكَتْ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمْ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا أُرِيقَتْ فَقَالُوا: أُهْرِقَتْ وَنَظِيرُهُ اسْطَعْتَ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ قُتَيْبَةَ.

وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ وَلَا فِيمَا حَكَاهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ وَلَا فِيمَا حَكَيْنَاهُ نَحْنُ عَنْ سِيبَوَيْهِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ أَهْرَقَ يُهْرِقُ عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ سِيبَوَيْهِ وَقَوْلَ ابْنِ قُتَيْبَةَ أُهْرِقَتْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ هَرَاقَ الَّتِي هِيَ اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ، وَلَعَلَّ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ شَيْئًا زَائِدًا أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الظَّنُّ بِهِ لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ وَالْهَاءَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا أَصْلِيَّيْنِ أَمَّا الْهَمْزَةُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْهَاءُ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ هَرَقَ مَفْقُودَةٌ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَخَرَجَ عَنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَادَّةِ أَرَاقَ بَلْ يَكُونُ أَصْلًا آخَرَ، ثُمَّ إنْ الْجَوْهَرِيَّ حَكَى كَلَامَ سِيبَوَيْهِ أَهْرَقَ يُهْرِقُ ثُمَّ حَكَى لُغَةَ أَهْرَاقَ وَنَظِيرُهَا اسْطَاعَ وَقَدْ عَرَفْت

<<  <  ج: ص:  >  >>