عَدَدَ خَلْقِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ كَيْفَ نَصَّ عَلَى صِفَاتِ التَّسْبِيحِ فِي نَفْسِهِ وَأَشَارَ إلَى هَذِهِ الْمَطَالِبِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ إفْرَادِهِ لِأَنَّ عَدَدَ الْخَلْقِ فِيمَا كَانَ وَيَكُونُ لَا يَتَنَاهَى وَكِبَرَ مِقْدَارِهِ لِأَنَّ الْعَرْشَ أَكْبَرُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِذَا أُخِذَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي كَانَتْ وَسَتَكُونُ لَا تَتَنَاهَى وَشَرَفَ نَوْعِهِ حَتَّى يَكُونَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَدَوَامُهُ بِلَا نَفَادٍ لِأَنَّ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا نَفَادَ لَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلنَّقَائِصِ الَّتِي يُسَبِّحُ عَنْهَا مُسْتَحْقِرًا لَهَا مِنْ أَنْ تَمُرَّ بِحَضْرَةِ الْجَلَالِ أَوْ تَخْطُرَ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْكَمَالِ وَالشَّيْخُ فِي تَرْبِيَةِ الْمُرِيدِ يُرِيدُ أَنْ يَجْذِبَهُ مِنْ الْأَغْيَارِ إلَى الْحَضْرَةِ الْقُدْسِيَّةِ وَيَشْغَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالصِّفَاتِ الْآلِهِيَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ فَكَيْفَ نَشْغَلُهُ عَنْ الْفَضَائِلِ بِالرَّذَائِلِ وَيَكْفِي فِي تَحْقِيقِ الْمَقْصُودِ مُحَارَبَةُ مَا أَلِفَهُ مِنْهَا بِطَبْعِ الْبَشَرِيَّةِ وَالذِّكْرُ يُرَقِّيهِ عَنْ ذَلِكَ وَيُجَرِّدُهُ إلَى جِهَةِ الصَّمَدِيَّةِ وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ فِي ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلِكُلِّ قَلْبٍ فُتِحَ تُشْرِقُ مِنْهُ أَنْوَارُهُ وَتَتَجَلَّى بِهِ أَسْتَارُهُ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ إلَى أَنْ يَتَرَقَّى إلَى مَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ وَأَجَلُّ الْأَذْكَارِ أَذْكَارُ الْقُرْآنِ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَأَسَّى بِهَا وَلَمْ يَجِئْ فِيهَا الْمُسَبِّحُ عَنْهَا إلَّا فِي نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَمْ يَجِئْ فِيهَا فِي الْحَمْدِ عَلَى كَذَا وَلَا فِي التَّكْبِيرِ عَلَى كَذَا بَلْ أُطْلِقَ لِتَنَاوُلِ الْجَمِيعِ.
وَأَمَّا (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فَإِذَا شَكَّ فِي النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ زَمَانُ الشَّكِّ وَلَا أَتَى بِرُكْنٍ فِيهِ بَلْ تَذَكَّرَهَا عَلَى الْفَوْرِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إذَا كَانَتْ فَرْضًا وَإِنْ طَالَ أَوْ أَتَى بِرُكْنٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَبُطْلَانُهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ انْعِقَادِهَا إنْ كَانَتْ النِّيَّةُ حَصَلَتْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْلِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ حَصَلَتْ وَالْأَصْلُ يُعَضِّدُهُ فَلْيَكُنْ هُوَ الْأَرْجَحُ هُنَا عِنْدَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ تَكُونُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ انْعَقَدَتْ جَمَاعَةً وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي تَكُونُ صَلَاتُهُمْ انْعَقَدَتْ عِنْدَنَا كَصَلَاتِهِمْ خَلْفَ الْمُحْدِثِ وَهَلْ هِيَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فُرَادَى وَجْهَانِ عِنْدَنَا حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّتِمَّةِ أَقْرَبُهُمَا إلَى ظَاهِرِ الْمَنْقُولِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا جَمَاعَةٌ وَأَقْوَاهُمَا عِنْدِي أَنَّهَا فُرَادَى وَاَلَّذِينَ قَالُوا إنَّهَا جَمَاعَةٌ اسْتَنَدُوا إلَى حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصَّلَاةِ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَشَارَ إلَيْهِمْ فَمَكَثُوا ثُمَّ انْطَلَقَ فَاغْتَسَلَ وَكَانَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنِّي خَرَجْت إلَيْكُمْ جُنُبًا وَإِنِّي نَسِيت حِينَ قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» . وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ
وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ حَتَّى إذَا قَامَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute