للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنَّ الْمُثَنَّى ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ إذَا انْضَمَّ إلَى غَيْرِهِ تَقَوَّى بِهِ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مِنْدَلٍ عَنْ النَّسَائِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْفَظُوا الْيَتَامَى فِي أَمْوَالِهِمْ لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ» وَمِنْدَلٌ ضَعِيفٌ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ» وَالْعَرْزَمِيُّ ضَعِيفٌ. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ لَكُمْ عَاضِدٌ آخَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ وَهُوَ تَابِعِيٌّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ابْتَغُوا فِي مَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبْهَا أَوْ لَا تَسْتَهْلِكْهَا الصَّدَقَةُ» فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ لَكُمْ عَاضِدٌ آخَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ اتَّجِرُوا فِي مَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلْهَا الصَّدَقَةُ. وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ مِنْ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ وَمُوَافِقٌ الْمُرْسَلَ الْمَذْكُورَ وَالْمُرْسَلُ إذَا اعْتَضَدَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ جَازَ الْأَخْذُ بِهِ عِنْدَنَا وَكَذَا إذَا اعْتَضَدَ بِقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ بِالْقِيَاسِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَاصِلٌ هَهُنَا. وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْمُرْسَلُ مِثْلُ الْمُسْنَدِ أَوْ أَقْوَى فَمَا لَهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا بِهِ هَهُنَا. فَإِنْ قُلْتَ: هُمْ يَقُولُونَ الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى نَفْسِك» وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَذْهَبُ بِجَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهَا إذَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ لَمْ تَجِبْ. قُلْت: حَمْلُ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّفَقَةِ مَجَازٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَذَهَابُهُ بِالزَّكَاةِ يَعْنِي ذَهَابَ أَكْثَرِهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا لَكِنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ الْمَجَازِ الْأَوَّلِ وَهَبْ تَهَيَّأَ لَهُمْ هَذَا الْبَحْثُ فِي لَفْظِ الصَّدَقَةِ فَمَا يَقُولُونَ فِي لَفْظِ الزَّكَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ قَابِلًا لِهَذَا التَّأْوِيلِ. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ لَكُمْ عَاضِدٌ آخَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ سُعَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ كَانَ سَعْيُهُمْ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ لَمْ يَكُونُوا يَنْظُرُونَ إلَّا إلَى الْمَالِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَالِكِهِ وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ وَلَا نَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرَّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» . فَإِنْ قُلْتَ: وَمَا مُسْتَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ قُلْتُ: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» وَقَوْلُهُ «فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ فَفِيهَا حِقَّةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ» .

وَ " مَنْ " تَعُمُّ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ ثُمَّ قَالَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ. فَذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَوْلُهُ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ أَعْنِي فِي الْغَنَمِ وَفِي الْوَرِقِ رُبْعُ الْعُشْرِ. وَهَذَا كُلُّهُ وَأَمْثَالُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ فِي الزَّكَاةِ إلَى الْمَالِ لَا إلَى الْمَالِكِ وَهُوَ يَقْتَضِي دُخُولَ الصَّبِيِّ لِأَنَّ مَالَهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْوَالِ. فَهَذَا مُسْتَنَدُ السُّعَاةِ وَهُوَ أَوَّلُ دَلِيلٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>