للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْفُقَهَاءِ.

أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَفِي الصَّلَاةِ وَالِاعْتِمَادُ فِيهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ وَنِعْمَ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا شَوَاهِدُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْفُقَهَاءِ فَفِي الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ هَذَا جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ مَثَلًا لَوْ قَارَنَهُمَا مَعْصِيَةٌ أَوْ نَحْوُهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ إذَا كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُمَا لَا يَتَأَثَّرَانِ بِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا مِنْ نُصْرَةِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَالْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ وَسَدِّ خُلَّةِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَتَطْهِيرِ النَّفْسِ وَالْمَالِ حَاصِلٌ لَا أَثَرَ لِتِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فِيهِ أَلْبَتَّةَ وَلَا صِفَةَ لَهُمَا مِنْهَا وُجُودًا وَلَا عَدَمًا وَفَاعِلٌ مُمْتَثِلٌ لِجِهَادِهِ وَصَدَقَتِهِ عَاصٍ بِمُخَالَفَتِهِ فِي شَيْءٍ آخَرَ فَيُثَابُ عَلَيْهِمَا ثَوَابًا كَامِلًا وَيَأْثَمُ عَلَى ذَاكَ.

وَأَمَّا هَذِهِ الْعِبَادَاتُ الثَّلَاثُ فَالْعَبْدُ فِيهَا مُنْتَصِبٌ بِقَلْبِهِ وَبَدَنِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ بِأَعْمَالٍ قَاصِرَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا نَفْعٌ لِغَيْرِهِ وَحُقُوقٌ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ أَمَّا الصَّلَاةُ فَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إقْبَالِ الرَّبِّ عَلَيْهِ وَأَنَّ اللَّهَ فِي قِبْلَتِهِ وَمَا أَرْشَدَهُ إلَيْهِ مِنْ الْأَدَبِ فِيهَا، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَبِالْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَسَلْبِهِ الْحَاجَةَ فِي مُجَرَّدِ تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.

وَأَمَّا الْحَجُّ فَبِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَسَلْبِهَا الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ وَالْجِدَالَ مِنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ وَأَنَّ بَدَنَ الْحَاجِّ مُنْتَصِبٌ فِي تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ وَالتَّجَرُّدِ فِيهَا.

وَهَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْعِبَادَاتِ الثَّلَاثِ مُسْتَوْعِبَةٌ لِلْبَدَنِ كُلِّهِ لِمَعَانٍ قَاصِرَةٍ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ مِمَّا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ مَنَافِعَ وَحُقُوقٍ: أَمَّا الْمَنَافِعُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَالِانْتِهَاءُ عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فِي الصَّلَاةِ فَقَوْلُ الْمُصَلِّي السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَإِصَابَتُهَا لِكُلِّ صَالِحٍ مِنْ مَلِكٍ وَغَيْرِهِ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَانِ حَقَّانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمُصَلِّي لِغَيْرِهِ.

وَفِي الصَّوْمِ الْكَفُّ عَنْ شَتْمِ الْخَلْقِ وَغِيبَتِهِمْ وَأَذَاهُمْ. وَفِي الْحَجِّ إقَامَةُ مَنَارِ تِلْكَ الشَّعَائِرِ فَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ الْأَغْلَبُ فِيهِمَا حَقُّ الْغَيْرِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ، وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ الْأَغْلَبُ فِيهَا حَقُّ الْمُكَلَّفِ نَفْسِهِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، وَيَبْقَى مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْكَلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَدْلَلْنَا بِهِمَا أَمَّا الرَّفَثُ فَيُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَهُوَ مِنْ مُفْطِرَاتِ الصَّوْمِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْكَلَامِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ مَعَ النِّسَاءِ أَوْ مُطْلَقًا، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ حَرَامًا إذَا كَانَ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ.

وَقَدْ لَا يَكُونُ حَرَامًا إذَا كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ أَوْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّلَهِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ الْحَدِّ الْجَائِزِ، وَالصَّخَبُ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا وَقَدْ لَا يَكُونُ حَرَامًا بِحَسْبِ عَوَارِضِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الزُّورِ وَالْعَمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>