للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاسْمِ الْفَاعِلِ حَالَ الْإِخْبَارِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالِاسْتِقْبَالِ زَمَانُ كَانَ مُطْلَقًا امْتَنَعَ أَيْضًا لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ حَاصِلًا مُسْتَقْبَلًا وَإِنْ أُرِيدَ اسْتِقْبَالُهُ عَنْ أَوَّلِ أَزْمِنَةِ كَانَ إلَى زَمَانِ الْإِخْبَارِ فِي حَالَةٍ يَكُونُ الزَّمَانُ الْمَذْكُورُ مُتَّسَعًا فَيَصِيرُ الْمَعْنَى الْإِخْبَارَ بِحُصُولِ الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُك: قَامَ زَيْدٌ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي سُلُوكِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلَا فَائِدَةَ وَإِنْ قِيلَ: الْفَائِدَةُ مَا فِي السِّينِ مِنْ التَّوَقُّعِ قُلْنَا: كَانَ يُكْتَفَى عَنْهَا بِقَدْ فَنَقُولُ: قَدْ قَامَ زَيْدٌ أَوْ كَانَ زَيْدٌ قَدْ قَامَ. وَهَذَا أَقْصَى مَا ظَهَرَ لِي فِي تَعْلِيلِ امْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَيُعَضِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَلَامِ قَبْلَهُ، وَأَمَّا جَوَازُ الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَاقِعًا لَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ وَاقِعًا وَتَجَرَّدَتْ السِّينُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّوَقُّعِ فَكَأَنَّهُ أَخْبَرَنَا بِهِ مُتَوَقِّعٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلسِّينِ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ: أَحَدُهَا الْإِخْبَارُ بِاسْتِقْبَالِ الْفِعْلِ؛ وَالثَّانِي تَوَقُّعُهُ أَيْ يَقَعُ جَوَابًا لِمَنْ هُوَ مُتَوَقِّعٌ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ الْآنَ وَذَلِكَ لَازِمٌ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِقْبَالٍ وَتَوَقُّعِهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ حَاصِلَانِ بِلَا شَكٍّ فِي ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ حَاصِلٌ عَلَى تَقْدِيرٍ فَحَسَنٌ فَلِذَلِكَ جَازَتْ عِبَارَةُ سِيبَوَيْهِ فِي لَوْ كَانَ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ مِنْهَا مَا هُوَ لَمَّا سَيَقَعُ وُقُوعَ غَيْرِهِ مَعَ رُجْحَانِ الْوُقُوعِ كَإِذَا أَوْ عَدِمَ رُجْحَانِهِ كَإِنْ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَا وَقَعَ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ كُلَّمَا وَمِنْهَا مَا هُوَ لَمَّا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ وَهُوَ فَقَوْلُنَا كَانَ احْتِرَازٌ مِنْ إذَا وَإِنْ وَالسِّينُ احْتِرَازٌ مِنْ الَّذِي عُرِفَ أَنَّهُ فِي الْمَاضِي يَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ بِأَنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ وَهُوَ لَمَّا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا وَيَقَعُ احْتِرَازٌ مِنْ لَمَّا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا وَلِوُقُوعِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ الَّذِي يَقَعُ الْمَشْرُوطُ لِأَجْلِهِ. فَلَا جُرْمَ كَانَتْ عِبَارَةُ سِيبَوَيْهِ مِنْ أَسَدِّ الْعِبَارَاتِ مَخْرُوطَةً عَلَى الْغَرَضِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعَةٌ إلَى مَا جُعِلَ الْخَبَرُ فِيهِ عَنْ صِفَةِ الْمُبْتَدَأِ لِأَنَّ قَوْلَنَا لَمَّا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ مَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى أَمْرٍ لِتَشْمَلَ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ وَكَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ تَعْرِيفٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَوَصْفٌ لَهُ لَكِنْ هُنَا شَرْطٌ وَلَا جَزَاءَ. إذَا عَرَفْت هَذِهِ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَةَ وَقَدْ جَعَلْنَاهَا مُقَدِّمَةً لِلْمَقْصُودِ نَرْجِعُ إلَى الْمَقْصُودِ وَنَقُولُ: إذَا جُعِلَتْ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرًا لَكَانَ انْقَسَمَ قِسْمَيْنِ كَمَا كَانَ يَنْقَسِمُ قَبْلَ ذَلِكَ: أَحَدُهُمَا مَا يُقْصَدُ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ صِفَةِ اسْمِ كَانَ مِثْلُ كَانَ خَالِدٌ أَوْ الزُّبَيْرُ إذَا لَقِيَ أَلْفًا كَسَرَهُمْ وَحَاتِمٌ إذَا جَاءَهُ أَلْفٌ قَرَاهُمْ وَمَا أَشْبَهَهُ فَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُودِ شَرْطٍ وَلَا جَزَاءٍ لِمَا سَبَقَ، وَالثَّانِي مَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَقَوْلِنَا كَانَ زَيْدٌ إذَا جَاءَ مِصْرَ نَزَلَ عِنْدِي وَقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>