للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ بِلَفْظِهِ، وَتَارَةً يُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى الْمَحْكُومُ بِهِ الْمُطَابِقُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَقَيَّدُ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي خَبَرِ كَانَ.

(جَامِعَةٌ بِهَا نَخْتِمُ الْكَلَامَ) إذَا قُلْت: إنْ جِئْتَنِي أَكْرَمْتُك مَدْلُولُهُ الْإِخْبَارُ بِإِكْرَامٍ مُسْتَقْبَلٍ عَلَى تَقْدِيرِ مَجِيءٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَإِذَا قُلْتَ: كَانَ زَيْدٌ إنْ جَاءَنِي أَكْرَمْتُهُ فَمَدْلُولُهُ الْإِخْبَارُ بِإِكْرَامٍ مَاضٍ عَلَى تَقْدِيرِ مَجِيءٍ مَاضٍ أَعْنِي الْإِخْبَارَ بِإِكْرَامٍ وَقَعَ عَلَى تَقْدِيرِ مَجِيءٍ وَقَعَ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى الْمَاضِي فَمَعْنَى قَوْلِنَا كَانَ زَيْدٌ إنْ قَدِمَ أَكْرَمْتُهُ أَنَّ الْقُدُومَ وَالْإِكْرَامَ مَضَيَا كَمَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِنَا قَبْلَ دُخُولِ كَانَ أَنَّهُمَا لَمْ يَمْضِيَا إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ الْمُضِيِّ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِلْإِخْبَارِ أَوْ لِلرَّبْطِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَاصِلٌ الْآنَ فَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِلِارْتِبَاطِ وَهُوَ أَيْضًا حَاصِلٌ الْآنَ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ.

وَإِنَّمَا قُلْت: بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبِطُ الْمُتَكَلِّمُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهُمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاضِي كَوْنُهُ إنْ قَدِمَ أَكْرَمْتُهُ مَثَلًا فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ نَفْسُ الِارْتِبَاطِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أُرِيدَ شَيْءٌ آخَرُ فَلْنَتَبَيَّنْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَنَا كَانَ زَيْدٌ إنْ قَدِمَ أَكْرَمْتُهُ يَدُلُّ عَلَى مُضِيٍّ قَطْعًا فَالْمَاضِي إمَّا نَفْسُ الْإِكْرَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَإِمَّا النَّهْيُ فَكَذَلِكَ وَإِمَّا الِارْتِبَاطُ بَيْنَهُمَا وَإِمَّا الرَّبْطُ وَإِمَّا الْإِخْبَارُ وَإِمَّا الْخَبَرُ وَالْكُلُّ بَاطِلٌ إلَّا الْأَوَّلَ.

أَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرَادَ لِأَنَّ التَّهَيُّؤَ لِلشَّيْءِ غَيْرُ الشَّيْءِ وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ الْمَاضِيَ نَفْسُ نَفْسِ الشَّيْءِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ فَلِأَنَّهَا لَا تُوصَفُ بِالْمُضِيِّ قَطْعًا، وَأَمَّا السَّادِسُ فَلِأَنَّهُ نَفْسُ اللَّفْظِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَأَيْضًا هُوَ حَاصِلٌ وَغَيْرُ النِّسْبَةِ مَفْقُودٌ وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ ثُمَّ إرَادَتُهُ.

فَهَذَا الْحَاصِلُ يَكْفِي فِي بَيَانِ الْمَسْأَلَةِ وَنَزِيدُهُ إيضَاحًا فَنَقُولُ: قَوْلُنَا يَكُونُ كَذَا عِنْدَ كَذَا إخْبَارٌ بِمَاضٍ عِنْدَ مَاضٍ فَهُوَ خَبَرُ إنْ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُقَيَّدٌ وَالْمُقَيَّدُ فِي ضِمْنِهِ الْمُطْلَقُ فَقَوْلُنَا " إذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي " إخْبَارٌ بِإِدْنَاءٍ مُسْتَقْبَلٍ عِنْدَ اعْتِكَافٍ مُسْتَقْبَلٍ فَقَوْلُنَا: كَانَ إذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إخْبَارٌ بِإِدْنَاءٍ مَاضٍ عِنْدَ اعْتِكَافٍ مَاضٍ فَإِنْ أَرَدْت كَانَ الْبَيَانَ فَالْبَيَانُ غَيْرُ نَفْسِ الْإِدْنَاءِ وَغَيْرُ نَفْسِ الِاعْتِكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَتِهِ مِنْ دَلِيلٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِالْتِبَاسُ فِي هَذَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّ قَضِيَّةٍ لِلنِّسْبَةِ فِيهَا طَرَفَانِ: أَحَدُهُمَا مِنْ جَانِبِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ حُكْمُهُ وَهَذَا لَيْسَ مُعَلَّقًا وَلَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَلَا يُوصَفُ بِاسْتِقْبَالٍ وَلَا مُضِيٍّ.

وَالثَّانِي مَا اقْتَضَتْهُ تِلْكَ النِّسْبَةُ مِنْ ثُبُوتِ الْإِدْنَاءِ عِنْدَ الِاعْتِكَافِ وَهَذَا هُوَ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَالْمُضِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>