للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ عِنْدَ دُخُولِهَا الدَّارَ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إيقَاعٍ مُحَدَّدٍ. انْتَهَى مَا أَرَدْت نَقْلَهُ مِنْ كَلَامِ الْكِنْدِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يُصِبْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَالْحَقُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِيهِمَا.

وَإِنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ وَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ. وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا إلَّا إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَحِينَئِذٍ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. وَلَا يُسَاعِدُ الْكِنْدِيَّ عَلَى مَا قَالَهُ نَحْوٌ وَلَا فِقْهٌ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْمِهِ {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} [الأعراف: ٨٩] وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩٣] وَبِئْسَ فِعْلٌ مَاضٍ.

وَقَالَ تَعَالَى {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَقَالَ تَعَالَى {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: ١١٨] وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ مُرْتَبِطٌ فِي الْمَعْنَى بِمَا قَبْلَهُ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خِبْتُ وَخَسِرْتُ إنْ لَمْ أَعْدِلْ» وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

عَدِمْنَا خَيْلَنَا إنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءٌ

وَقَالَ " ثَكِلَتْهُ إنْ لَمْ يَسُدَّ إلَّا قَوْمَهُ " وَقَالَ الْمَلَاعِنُ: " كَذَبْتُ عَلَيْهَا أَنْ أَمْسَكْتُهَا: وَقَالَ طُلِّقْتِ إنْ لَمْ تَعْلَمِي أَيُّ فَارِسٍ حَلِيلُكِ.

وَقَالَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إذَا قَالَ بِعْتُكِ إنْ شِئْتِ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْكِنْدِيِّ أَنْ يَكُونَ وَعْدًا. وَهَذِهِ الشَّوَاهِدُ كُلُّهَا تَرُدُّ مَا قَالَهُ. وَالنَّظَرُ أَيْضًا يَرُدُّهُ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَمْكَنَ تَعْلِيقُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي أَوْ بِالْمُضَارِعِ، فَإِذَا أُرِيدَ بِالْمَاضِي ذَلِكَ صَحَّ تَعْلِيقُهُ وَلَيْت شِعْرِي كَيْفَ سَاغَ لِلْكِنْدِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْآنَ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُؤَاخَذُ بِهِ فَيَلْزَمُهُ شَرْعًا، إنْ أَرَادَ أَنَّهُ إقْرَارٌ فَقَدْ نَفْرِضُهُ فِيمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>