للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِذَلِكَ أَتَى بِإِذَا فَإِنْ كَانَ إذَا جَاءَتْ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرًا لَهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ أَوْ رَاجِحَهُ يُؤْتَى فِيهِ بِإِذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يُؤْتَى فِيهِ بِإِنْ.

قَوْلُهُ وَمَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ " يَوْمًا " أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ حِكَايَةَ حَالِ مَاهِيَّتِه لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ يَوْمًا فَائِدَةٌ وَيَصِيرُ كَقَوْلِك قَامَ زَيْدٌ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِهَذَا الظَّرْفِ إلَّا لِقَصْدِ شَيْءٍ خَاصٍّ إمَّا الْإِبْهَامُ عَلَى السَّامِعِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. أَقُولُ: فَائِدَةُ التَّوْسِعَةِ وَالتَّعْمِيمِ يَعْنِي أَيَّ يَوْمٍ كَانَ وَهُوَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ عَنْ أَوَّلِ أَزْمِنَةِ كَانَ وَهِيَ مَاضِيَةٌ عَنْ وَقْتِ الْإِخْبَارِ لَا تُنَافِي أَنَّهَا حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ وَلَا تُسَاوِي قَوْلَك: قَامَ زَيْدٌ يَوْمًا لِعَدَمِ الْعُمُومِ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الْعُمُومَ فِيهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الشَّرْطِ فَإِنَّ الشَّرْطَ مِنْ جُمْلَةِ مُقْتَضَيَاتِ الْعُمُومِ، وَقَدْ قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إنَّ النَّكِرَةَ إذَا وَرَدَتْ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ كَانَتْ لِلْعُمُومِ بِخِلَافِهَا فِي الْإِثْبَاتِ.

قَوْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَتًى كَانَ يُدْنِيه الْغِنَى مِنْ صَدِيقِهِ ... إذَا مَا هُوَ اسْتَغْنَى وَيُبْعِدُهُ الْفَقْرُ

أَقُولُ: لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ عِزَّةِ النَّفْسِ كَمَا قَالَهُ فَيَخْرُجُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ وَيَرْجِعُ إلَى الْقِسْمِ الَّذِي سَلَّمْنَا عَدَمَ دَلَالَتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّخْصُ الْمَمْدُوحُ حَصَلَ لَهُ هَاتَانِ الْحَالَتَانِ وَجَرَّبَ فِيهِمَا فَعُرِفَ مِنْهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ

وَكُنْت امْرَأً لَا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً

فَمَعْنَى كُنْت لَوْ سَمِعْت مَمْنُوعٌ لِأَنَّ " لَوْ " تَدُلُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّاعِرِ مَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الثُّبُوتَ فَتَفْسِيرُهُ بِلَوْ تَحْمِيلٌ لِكَلَامِهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ.

وَقَوْلُهُ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ سَمِعَ سُبَّةً قَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ مِثْلِهِ فَإِنْ سَمِعَ سُبَّةً لَا عُمُومَ فِيهِ لِوُقُوعِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ. وَقَوْلُهُ " لَا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً " فِيهِ عُمُومٌ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا. وَقَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَسُبُّ هَيْهَاتَ بَعْدَ حَالِ الْعَرَبِ فِي حَمَاسَتِهِمْ وَأَنَفِهِمْ وَتَمَدُّحِهِمْ بِمُقَابَلَةِ الذَّنْبِ الْيَسِيرِ بِالِانْتِقَامِ الْكَثِيرِ وَهَلْ يَبْقَى لِتِلْكَ السُّبَّةِ وَقْعٌ فِي حَيْثُ مَا حَصَلَ مِنْ كَشْفِ غِطَائِهَا بِالْقَتْلِ، وَالْقَتْلُ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الصِّفَةِ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إلَى مَا سَلَّمْنَاهُ.

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ إلَى آخِرِهِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَاهَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ وَلَيْسَ فِي الْقَضِيَّةِ مَا يُبْعِدُ ذَلِكَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ رَأَيْت مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>