للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ هِيَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَفَادَهَا مِمَّا رَآهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِخِلَافِ كَانَ فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى اقْتِرَانِ مَضْمُونِ خَبَرِهَا بِالزَّمَنِ الْمَاضِي وَنَحْنُ لَا نَدَّعِي فِي مِثْلِ قَوْلِنَا " رَأَيْت رَجُلًا إذَا حَدَّثَ صَدَقَ " أَنَّ الْحَدِيثَ وَالصِّدْقَ حَاصِلَانِ فِي زَمَانِ الرُّؤْيَةِ بَلْ إنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْمَرْئِيِّ. قَوْلُهُ فِي الصَّنَمِ: إذَا عَطِشَ نَزَلَ فَشَرِبَ مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُمِلَ فِي ذَلِكَ الصَّنَمِ مَا يَقْتَضِي صُورَةَ فَرَاغِ الْمَاءِ مِنْ جَوْفِهِ وَانْتِقَالِهِ مِنْ مَكَانِهِ إلَى أَسْفَلَ وَشُرْبِهِ، وَمَا الدَّاعِي إلَى تَفْسِيرِ ذَلِكَ بِلَوْ.

قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ

عَلَى لَاحِبٍ لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ

لَمْ تَظْهَرْ لِي هَذِهِ النِّسْبَةُ. قَوْلُهُ: فَقَدْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ إذَا حَدَّثَ صَدَقَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْحَدِيثِ وَالصِّدْقِ بَلْ عَلَى مَعْنَى مَدْلُولِ الْخَبَرِ وَهُوَ النِّسْبَةُ وَالْجَزَاءُ الْمُقَيَّدُ.

أَقُولُ أَمَّا حُصُولُ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ عَلَى مَا قَالَهُ فَمَمْنُوعٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَلْ عَلَى مُضِيِّ مَدْلُولِ الْخَبَرِ فَنَحْنُ لَا نَدَّعِي غَيْرَ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهُوَ النِّسْبَةُ وَالْجَزَاءُ الْمُقَيَّدُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا أَقُولُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالنِّسْبَةِ فِعْلَ الْمُتَكَلِّمِ فَقَدْ نَبَّهْنَا فِيمَا سَبَقَ عَلَى بُطْلَانِهِ.

قَوْلُهُ: إنَّ " كَانَ " لَا تَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ هُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ مَدْلُولَهَا اقْتِرَانُ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ بِالزَّمَانِ الْمَاضِي وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ الِانْقِطَاعِ وَعَدَمِهِ، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَيَّانَ قَالَ: إنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ. قَوْلُهُ إذَا قُلْنَا: لَا تَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَمَعْنَى كَانَ زَيْدٌ إذَا حَدَّثَ صَدَقَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَالصِّدْقَ سَيَقَعَانِ فِي أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا وَقْتُ الْكَوْنِ وَآخِرُهَا مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ. أَقُولُ هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ الْحَدِيثُ وَالصِّدْقُ فِي الْمَاضِي أَصْلًا بَلْ كَانَ يُتَوَقَّعُ وُقُوعُهُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ كَيْفَ يُقَالُ كَانَ إذَا حَدَّثَ صَدَقَ، وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي كَانَ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا: إنْ كَانَ تَقْتَضِي الِانْقِطَاعَ دَلَّتْ عَلَى الْوُقُوعِ فِي أَحَدِ أَزْمِنَةٍ أَوَّلُهَا وَقْتُ الْكَوْنِ وَآخِرُهَا قُبَيْلَ الْإِخْبَارِ عَلَيْهِ اعْتِرَاضَاتٌ: أَحَدُهَا قَوْلُهُ وَقْتَ الْكَوْنِ إذَا لَمْ يُقَيَّدْ مُتَّسَعٌ إلَى وَقْتِ الْإِخْبَارِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ ابْتِدَاءً وَقْتُ الْكَوْنِ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْإِخْبَارِ وَلِمَ قَالَ قُبَيْلَ وَإِنَّمَا آخِرُهَا وَقْتُ الْإِخْبَارِ لَا قَبْلَهُ، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ أَحَدُ أَزْمِنَةٍ فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِاسْتِغْرَاقَ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إذَا قُلْت: إنَّهَا تَقْتَضِي الِانْقِطَاعَ أَوْ لَا تَقْتَضِيهِ.

قُلْت إنْ قُلْنَا تَقْتَضِيهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ هَذِهِ الْحَالَةُ وَهِيَ الصِّدْقُ فِي الْحَدِيثِ إمَّا بِاعْتِبَارِهِ الْكَذِبَ بَعْدَ الصِّدْقِ وَإِمَّا بِحُصُولِهِ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ بِخِلَافِ مَا كَانَ وَإِمَّا بِالصَّمْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَنَحْوِهِ فَيَنْتَفِي الصِّدْقُ لِانْتِفَاءِ الْحَدِيثِ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا تَقْتَضِي الِانْقِطَاعَ فَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ الْحَالَةُ مُسْتَمِرَّةً.

قَوْلُهُ إنَّ دَعْوَايَ

<<  <  ج: ص:  >  >>