للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدَك بِأَلْفٍ، وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُطَالَبُ بِالْجَمِيعِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ فَقَالَا: رَهَنَّا الْعَبْدَ بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنًا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ الثَّمَنُ، وَهُنَا مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ صَحَّ، وَطُولِبَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ انْتَهَى.

وَادَّعَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا النِّصْفُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ، وَأَنَا، وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقِسْطِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حَقِيقَةَ ضَمَانٍ، وَقَدْ صَنَّفْت فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا.

(مَسْأَلَةٌ) عَلَيْهِ أَلْفٌ أَصَالَةً، وَأَلْفٌ كَفَالَةً كِلَاهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَأَدَّى أَلْفًا، وَمَاتَ فَقَالَ الْقَابِضُ: قَبَضْتهَا عَنْ الْكَفَالَةِ، وَقَالَ وَارِثُ الدَّافِعِ: بَلْ هِيَ الْأَصَالَةُ فَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَا يُقَسِّطُ فِي الْأَصَحِّ بَلْ يَصْرِفُهُ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَبَعْدَ مَوْتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ مَالِيٌّ فَيُوَرَّثُ، وَلَيْسَ كَتَعْيِينِ الطَّلَاقِ فِي إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ أَنْكَرَ أَنَّهُ ضَمِنَ زَيْدًا فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ ضَمَانِهِ بِإِذْنِهِ وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ عَادَ الْمُنْكِرُ يَطْلُبُ الْغُرْمَ مِنْ الْمَضْمُونِ بِحُكْمِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ ضَمَانِهِ بِإِذْنِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا بِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ. (أَجَابَ) إنْ كَانَ مُقِيمًا إلَى الْآنَ عَلَى أَنَّهُ مَا كَفَلَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَكْذِيبِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُر مِنْهُ إلَّا مَا تَقَدَّمَ عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ مِنْ إنْكَارِهِ الْكَفَالَةَ فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ طُولَ الْمُدَّةِ، وَاحْتِمَالَ النِّسْيَانِ عُذْرٌ لَهُ فَقِيَامُ الْبَيِّنَةِ يَدْفَعُ حُكْمَ إنْكَارِهِ الْعُذْرَ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الرَّافِعِيّ فِيمَا إذَا قَالَ: اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ، وَبَيَّنَ لَفْظُهُ وَجْهًا مُحْتَمَلًا، وَإِنْ كُنَّا لَمْ نُوَافِقْهُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إثْبَاتٌ، وَهَذَا نَفْيٌ، وَالْعُذْرُ فِي النَّفْيِ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ أَظْهَرُ، وَقِيَامُ الْبَيِّنَةِ هُنَا كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ هُنَاكَ، وَأَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَالْتِزَامُ الرَّافِعِيُّ هُنَا قَبُولَ قَوْلِهِ، وَرُجُوعَهُ أَوْلَى لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ فِي الضَّمَانِ قَالَ قَبْلَ آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ بِوَرَقَتَيْنِ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ، وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَمِنَ عَنْ الْآخَرِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةَ وَاحِدٍ قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ: يَرْجِعُ، وَتَكَلَّمَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ عِنْدَ إنْكَارِهِ، وَالْإِنْكَارُ تَكْذِيبٌ، وَجَوَابُ الْأَصْحَابِ، وَتَصْحِيحُ الْمَسْعُودِيِّ وَالْإِمَامِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانَ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَبْطَلَتْ حُكْمَ إنْكَارِهِ فَرَأَيْنَا مَا قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ هُنَا أَوْلَى لِلْعُذْرِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ نَرَ مَا قَالَهُ الْمَسْعُودِيُّ وَالْإِمَامُ، وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ بِمَسْطُورٍ، وَفِي الْمَسْطُورِ بَعْدَ إقْرَارِ الْمَدْيُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>