دُونَ بَعْضٍ، وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الرَّاهِنَ إنْ فَكَّ نَفْسَهُ مِنْهُ فَهُوَ مَفْكُوكٌ، وَيُجْبَرُ عَلَى فَكِّ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ إنْ شَاءَ ذَلِكَ شَرِيكُهُ فِيهِ، وَإِنْ فَكَّ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَفْكُوكٌ، وَصَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى حَقِّهِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ الْبَاقِي. انْتَهَى.
وَلَهُ فِيهِ نَصٌّ آخَرُ أَيْضًا لَفْظُهُ: وَإِذَا اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا فَرَهَنَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ جَاءَ بِخَمْسِينَ فَقَالَ: هَذِهِ فِكَاكُ حَقِّ فُلَانٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَحَقُّ فُلَانٍ مَرْهُونٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُفَكُّ إلَّا مَعًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ عَبْدًا لِنَفْسِهِ بِمِائَةٍ ثُمَّ جَاءَ بِتِسْعِينَ فَقَالَ: فُكَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ، وَاتْرُكْ الْعُشْرَ مَرْهُونًا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَيْءٌ مَفْكُوكًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَهْنٌ وَاحِدٌ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ فَلَا يُفَكُّ إلَّا مَعًا. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّ الْمِلْكَ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ جَازَ أَنْ يُفَكَّ أَحَدُهُمَا دُونَ نِصْفِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، وَمِنْ آخَرَ عَبْدًا فَرَهَنَهُمَا جَازَ أَنْ يُفَكَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَالرَّجُلَانِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُمَا فِي وَاحِدٍ مُتَّحِدًا، وَأَحْكَامُهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَالرَّهْنِ حُكْمُ مَالِكِي الْعَبْدَيْنِ الْمُفْتَرَقَيْنِ. انْتَهَى.
وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَرَوَى الْمَحَامِلِيُّ، وَغَيْرُهُ قَوْلًا ثَالِثًا: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لِمَالِكَيْنِ فَلِلرَّاهِنِ فَكُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِأَدَاءِ نِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا قَالَ الْإِمَامُ، وَلَا نَعْرِفُ لِهَذَا وَجْهًا. هَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ لَمَّا أَذِنَ عَلِمَ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ مَعَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَوَّلًا، فَإِنْ عَلِمَ، وَأَذِنَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ عَلِمَ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ، وَعَيَّنَ الْمَبْلَغَ الَّذِي يَرْهَنُ بِهِ فَرَهَنَهُ مَعَ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَدَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ لِأَجْلِ الْفَكِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ رَهَنَهُ مَعَ غَيْرِهِ بِالرَّهْنِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَهَاهُنَا يَحْسُنُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الصَّحِيحَ الِانْفِكَاكُ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَمِمَّا يُرْشِدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا فَرَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلٍ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَضَى خَمْسِينَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الرَّهْنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يُخْرِجُ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَلَا يَنْفَكُّ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ.
وَالثَّانِي: يُخْرِجُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِخَمْسِينَ فَلَا يَصِيرُ رَهْنًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ. هَذَا كَلَامُ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ نَصٌّ فِيمَا قُلْنَاهُ فَحَصَلَتْ الصُّوَرُ ثَلَاثًا: (إحْدَاهَا) : إذَا قَالَ: أَذِنْت لَك أَنْ تَرْهَنَ نَصِيبِي مَعَ النَّصِيبِ الْآخَرِ بِمِائَةٍ فَرَهَنَهُمَا بِهَا فَيَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ النَّصُّ الْأَوَّلُ الَّذِي نَقَلْنَاهُ مِنْ الرَّهْنِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute