بِأَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ رَهْنًا بِمِائَةٍ، وَحُكْمُ الرَّهْنِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مَرْهُونٌ بِكُلِّ جُزْءٍ فَلَزِمَ رِضَاهُ بِأَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ مَرْهُونًا بِمِائَةٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ نَاظِرٌ إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِ فَقَطْ. (الثَّانِيَةُ) : إذَا قَالَ: أَذِنَتْ لَك أَنْ تَرْهَنَ نَصِيبِي بِخَمْسِينَ فَيَصِحُّ، وَلَا يَنْفَكُّ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ قَطْعًا إلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِ فَيَجْرِي فِيهِ وَجْهٌ. (الثَّالِثَةُ) : إذَا قَالَ: أَذِنْت لَك أَنْ تَرْهَنَ النَّصِيبَ الَّذِي لِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ بِخَمْسِينَ فَرَهَنَ جَمِيعَهُ بِمِائَةٍ، فَهَذِهِ الصَّحِيحُ فِيهَا أَنَّهُ يَنْفَكُّ بِأَدَاءِ خَمْسِينَ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ضَعِيفٌ، وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ الْقَوْلَيْنِ، وَعِنْدِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فِي نَصِيبِ الْمُعَيِّنِ، وَتَصْحِيحُ الِانْفِكَاكِ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ، وَأَمَّا نَصِيبُ الْآخَرِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ هُوَ الرَّاهِنُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَكَّ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَكَأَنَّهُ رَهَنَ نَصِيبَهُ عَلَى جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَرَهَنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَلَى نِصْفِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلَيْنِ فِي الِانْفِكَاكِ إذَا كَانَ النِّصْفَانِ لِمُعِيرَيْنِ غَيْرَ الرَّاهِنِ، لَكِنَّ هَذَا الْبَحْثَ يَرُدُّهُ النَّصُّ الْأَوَّلُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّهْنِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ النِّصْفَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ، وَالرَّاهِنُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَهَذَا مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ، وَقَدْ تَأَمَّلْته بَعْدَ ذَلِكَ، الْقَوْلُ الثَّانِي فِي النَّصِّ الْأَوَّلِ مَأْخَذُهُ تَعَدُّدُ الْمَالِكِ فَقَطْ، وَهُوَ هُنَا يَجْرِي بِلَا شَكٍّ، وَإِنَّمَا قُلْته تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِ الْمُعِيرِ يَنْفَكُّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي فَرَضْنَاهَا فِي إذْنِهِ فِي نِصْفِهِ بِخَمْسِينَ فَرَهْنُ الْجَمِيعِ بِمِائَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُصَحَّحِينَ لِلِانْفِكَاكِ عَلَيْهَا.
وَالصُّورَةُ الْأُولَى يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَلَيْهَا، وَالنَّصُّ الَّذِي نَقَلَهُ، وَنَقَلْنَاهُ عَنْ الرَّهْنِ الصَّغِيرِ الْأَوَّلِ يُشِيرُ إلَى فَرْضِهَا فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَاهُ قَالَ: أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنْ يَرْهَنَ الْعَبْدَ، وَلَمْ يَقُلْ: أَنْ يَرْهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَمَسْأَلَةُ الْعَبْدَيْنِ إذَا اسْتَعَارَهُمَا مِنْ مَالِكِهِمَا إنْ اسْتَعَارَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَبْدَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَيُتَّجَهُ الِانْفِكَاكُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَاسَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيلِ الْقَوْلِ الثَّانِي فِيمَا حَكَيْنَاهُ مِنْ النَّصِّ، وَلَعَلَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافٌ، وَإِنْ قَالَا لَهُ: أَعَرْنَاكَهُمَا لِتَرْهَنَهُمَا بِدَيْنِك يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ الْمَنْقُولُ عَنْ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْحَاوِي فِي ذَلِكَ فَلَا عَلَيْنَا فِي مُخَالَفَتِهِ، وَقَدْ وَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ حَيْثُ اقْتَضَى نَصُّهُ الْأَوَّلُ تَرْجِيحَ عَدَمِ الِانْفِكَاكِ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ، وَالْعَبْدَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِثْلُهُ، وَابْنُ الرِّفْعَةِ ذَكَرَ الطَّرِيقَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ، وَقَالَ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ بِمَا إذَا قَالَا: أَعَرْنَاك، وَأَنَّهُ إنْ خُصَّتْ بِهَذِهِ الْحَالَةِ اتَّجَهَ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّهُ عَارِيَّةٌ، أَوْ ضَمَانٌ، وَكَانَ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الِانْفِكَاكَ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ ضَمَانٌ، وَتَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِهَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute