مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَهَذَا سَبْقٌ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ وَلَمْ يُعْذَرْ أَيْضًا بِكَوْنِ الْأَحَبِّ التَّوَقُّفَ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَرْسُمُ بِهِ الْأَمِيرُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ الْأَمِيرِ فَيَكُونُ كَالْإِكْرَاهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) جَرَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا وَرَدَ اثْنَانِ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ وَهُمَا مُحْتَاجَانِ وَحَاجَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْآخَرِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْأَخْذِ مِنْهُ
(أَجَابَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا نَصُّهُ: ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا وَاسْتَطْرَدَ الْبَحْثُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ عِنْدِي فِي الْغَزَالِيَّةِ إلَى نَظِيرِهِ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْأَحْوَجِ عَلَى الْأَحْوَجِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ فَهَلْ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمِلْت إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاسْتَنْبَطْت ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَالْمُعْطِي اللَّهُ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ التَّمْلِيكَ وَالْإِعْطَاءَ إنَّمَا هُوَ مِنْ اللَّهِ لَا مِنْ الْإِمَامِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُمَلِّكَ أَحَدًا إلَّا مَا مَلَّكَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا وَظِيفَةُ الْإِمَامِ الْقِسْمَةُ وَالْقِسْمَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِالْعَدْلِ وَمِنْ الْعَدْلِ تَقْدِيمُ الْأَحْوَجِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ مُتَسَاوِي الْحَاجَةِ فَإِذَا قَسَّمَ بَيْنَهُمَا وَدَفَعَهُ إلَيْهِمَا عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ مَلَّكَهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَأَنَّ الْقِسْمَةَ إنَّمَا هِيَ مُعَيِّنَةٌ لِمَا كَانَ مُبْهَمًا كَمَا هُوَ بَيْن الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إمَامٌ وَبَدَرَ أَحَدُهُمَا وَاسْتَأْثَرَ بِهِ كَانَ كَمَا لَوْ اسْتَأْثَرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) فِي حَوْضِ سَبِيلٍ هَلْ يُمْنَعُ مَنْ يَسْتَقِي مِنْهُ مِنْ السَّقَّايِينَ؟
(أَجَابَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ شَرْطَ وَاقِفِهِ بِتَخْصِيصِهِ إلَّا أَنْ يَسْبِقَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَشْرَبُ أَوْ يَسْقِي دَابَّةً وَنَحْوَهَا فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ وَيَتَأَخَّرُ الْمَسْبُوقُ حَتَّى يَفْرُغَ السَّابِقُ حَاجَتَهُ وَهَذَا حُكْمُ أَحْوَاضِ السَّبِيلِ كُلِّهَا يُقَدَّمُ السَّابِقُ أَبَدًا لِشُرْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ اسْتِقَاءٍ أَوْ بَغْلٍ وَيَتَأَخَّرُ الْمَسْبُوقُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ وَتَنَازَعَا أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) سُئِلَ عَنْ أَنْهَارِ دِمَشْقَ وَمَجَارِيهَا هَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ أَمْ لَا؟ .
وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْمَذْكُورَةَ وَمَجَارِيهَا الْعَامَّةَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا وَأَمَّا وَقْفٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْكِبَارَ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ مُبَاحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالْإِحْيَاءِ وَلَا بِالْبَيْعِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ حَافَّاتُهَا الَّتِي يَحْتَاجُ عُمُومُ النَّاسِ إلَى الِارْتِفَاقِ بِهَا لِأَجْلِهَا وَالْأَنْهَارُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي حَفَرَهَا قَوْمٌ مَخْصُوصُونَ مَعْرُوفُونَ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ مُشْتَرَكَةٌ لَهُمْ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ.
وَالْأَنْهَارُ الْمَجْهُولَةُ الْحَالِ إذَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute